علمتني رحلة

وكانت أول مرة أطلع دولمش في تركيا

عندما تعرفت على الدولمش (mini‪-‬bus) أول مرة كنت أعتقد أنه تجربة مواصلات سيئة، حافلة ركاب صغير تعج بالركاب، وفيها تضطر للبقاء واقفًا طوال الرحلة لقلة عدد الكراسي، كما أنها تتوقف كثيرًا.. كثيرًا جدًا.. تتوقف في كل لحظة تسمع فيها: (إنجيك فار) inecek var أو (مسائت بياردا) ‏müsait bir yerde

كما أنه وسيلة مواصلات تنبش شوارع المدينة بلا توقف، لذا كنت حريصًا قبل الركوب أن أسأل السائق إذا ما كان ذاهبًا إلى وجهتي، محطة المترو: “أريد الذهاب إلى أوليمبيات”
وطبعًا (حطيت التاتش بتاعي) أعطيت الكلمات نكهة لغة.

ولمزيد من الحرص فتحت برنامج الخرائط على الجوال حتى أتابع خط السير، فهذه هي أول مرة أذهب فيها للمحطة وسوف أعتمدها من الآن ولاحقًا للخروج من منطقة باشاك شهير للمدن الأخرى..
السائق يبتعد عن المسار الصحيح، بل هو في الاتجاه المعاكس، سأمهله قليلا.. تبًا إنه يبتعد كثيرًا، لذا سألت مرة أخرى، وأنا أركز على حروف كلماتي التي أخرجتها من القاموس من جديد: “هل هذه الطريق تذهب بنا إلى مترو أولبيميات؟”
أجاب بكل برود: “بالطبع لا.. بل إلى ماركت أوليمبا”
أهلا.. لقد وقعنا في الفخ، أنا من الأول مش مرتاح لك، وكلمات اللغة في قاموسي التركي لن تسعفني في مساءلته فضلا عن مجادلته، حكيت له: كيف يعني؟ أنا رايح ع المترو مش ع الماركت؟!
هنا شغّل الماتور على أسرع ما يمكن، ماتور لسانه طبعًا، ولم أفهم ما يقول، لكن يبدو أنه غاضب جدًا ومستاء، وأنا لا أردد إلا كلمة واحدة: مترو..

فهمت من لغة الإشارة المصاحبة لكلماته: خليك لحد ما نشوف لك حل في موضوع المترو!
وفعلا قادني إلى مترو آخر كان في طريقه..

تأخرت وانزعجت وكنت أظن أن هذه تجربة سيئة تضاف لتجاربي في تركيا، ولكني اكتشفت أنها تجربة مفيدة عرفت معها أقرب وأهم محطة اعتمدتها لاحقًا في كل مواصلاتي.. محطة باشاك كونوتلاري..
كما تعلمت أن التركيز على لفظ الحروف أفضل من الاهتمام باللهجة.

خالد صافي

خالد صافي مختص في التسويق الرقمي ومدرب خبير في الإعلام الاجتماعي، حاصل على لقب سفير الشباب الفخري من وزير الشباب والرياضة التركية، حاز على جائزة أفضل مدونة عربية لعام 2012 من دويتشه فيله الألمانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Protected by WP Anti Spam
شاهد أيضًا
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى