
من خلال النظرة العابرة إلى سلسلة الأحداث المتلاحقة بين الهند وباكستان تتضح خيوط خفية تربط ما يجري هناك بغزة وقضيتها.
فمنذ تصاعد الضغط الشعبي في باكستان، وخروج المظاهرات الواسعة التي طالبت بشكل صريح بإرسال الجيش الباكستاني لدعم غزة ورفع الحصار عنها، بدا واضحًا أن هذا الصوت لا يمكن أن يُترك دون عقاب من “الشرطي الأمريكي” الذي يقف حاميًا للمشروع الصهيوني ومشروع إبادة غزة.
لم تتأخر واشنطن كثيرًا في إدارة اللعبة، فعادت إلى الاستراتيجية القديمة: “إشغال العدو بنفسه.”
استدعوا ورقة الهند العتيقة، بقيادة مودي، الرجل الذي يحلم بإعادة صياغة الهند على أسس هندوسية متطرفة خالية من أي مظهر إسلامي، بدءًا من تفكيك المساجد الكبرى، مرورًا بإغلاق المدارس الإسلامية، وانتهاءً بمطاردة كل نفس مسلم.
ولكن كيف يبدأ السيناريو؟
البداية كالعادة من كشمير.
منذ زمن الاحتلال البريطاني، وكشمير هي الفتيل الجاهز للإشعال متى شاءت القوى الكبرى.
وبالفعل، جاءت التفجيرات الأخيرة في الإقليم، أعقبها اتهام صريح لباكستان بالضلوع فيها، رغم غموض الملابسات وفبركة الكثير من التفاصيل.
النتيجة؟
انشغلت باكستان بالدفاع عن نفسها على الساحة الدولية، هدأت التظاهرات الداعمة لغزة في شوارعها، وتفرغت قيادتها لمواجهة تصعيد أمني خطير قد يجر البلاد إلى صراع طويل.
وفي الوقت ذاته، وجدت الهند الفرصة سانحة لتطلق العنان لجحافل التطرف الهندوسي: اعتداءات، قتل على الهوية، ملاحقات للمسلمين بحجة دعمهم “للإرهاب الكشميري”، كل ذلك بتغطية إعلامية شيطانية تعيد تدوير الأكاذيب وتشرعن القتل الجماعي.
هل يبدو لكم هذا مجرد تزامن؟
كلا، فالتاريخ يكرر نفسه:
كلما ارتفعت غزة صوتًا، سقط على رأس مسلمي العالم سوط القمع.
فتشوا جيدًا خلف أي أزمة، ستجدون يد أمريكا الصهيونية تحيك خيوطها في الظلام، سواء عبر الفوضى السياسية أو عبر إشعال الفتن الطائفية والعرقية.
ومن يدقق في خارطة الضربات العالمية يجد أن الضحية واحد:
- غزة في فلسطين،
- مسلمو كشمير في الهند،
- اللاجئون في السودان،
- المضطهدون في إفريقيا الوسطى.
الدم واحد، والجريمة واحدة، والمجرم واحد.
لذلك، حين نقول إن معركة غزة ليست مجرد معركة حدود ضيقة، بل معركة وجود للأمة كلها، فلا نبالغ، ومن وقف مع غزة يقف مع كرامة المسلمين في كل الأرض.