
المشهد الأول: طلب “تعاون” بمقابل الإقامة
في يناير، أرسلت الإنفلونسر البريطانية Elle Darby (22 عامًا) والتي تمتلك أكثر من 160 ألف متابع عبر يوتيوب وانستجرام، رسالة إلكترونية إلى فندق The White Moose Café في دبلن، تطلب فيها إقامة مجانية لمدة 5 ليالٍ بمناسبة عيد الحب، مقابل تغطية المكان عبر قنواتها.
نص الرسالة تضمّن:
“أنا مؤثرة في مجال الجمال والسفر، أود تغطية الفندق عبر قنواتي مقابل إقامة مجانية، كما فعلت مع يونيفرسال أورلاندو من قبل وكان الأمر مفيدًا لهم.”
المشهد الثاني: الردّ الصادم من إدارة الفندق
لكن المدير Paul Stenson لم يكتفِ بالرفض، بل نشر ردًا علنيًا ساخرًا على صفحة الفندق على فيسبوك دون ذكر اسمها (لكن المتابعين تعرفوا عليها بسهولة):
“يتطلب الأمر قدرًا كبيرًا من الجرأة لإرسال طلب مثل هذا، لكن ليس الكثير من احترام الذات أو الكرامة.”
“من سيدفع لعاملات النظافة؟ لموظفي الاستقبال؟ للطعام والكهرباء؟ هل نخبرهم أن ظهورهم في الفيديو سيكون بديلاً عن رواتبهم؟”
وختم بجملة مباشرة:
“ملاحظة: الإجابة هي لا.”
المشهد الثالث: انهيار عاطفي وهجوم مضاد
بعد أن عرف الجمهور شخصية Elle، انهالت عليها الانتقادات والشتائم بوصفها “متسولة رقمية” و”طفيليّة إنترنت”.
فردّت بمقطع على يوتيوب دام 17 دقيقة وهي تبكي، تقول فيه:
“أنا بنت صغيرة تدير مشروعها من البيت، ونيتي كانت طيبة. لا أعرف لماذا نشرو البريد بهذه الطريقة؟ وكانت هناك نية واضحة للإهانة.”

المفاجأة؟ الفيديو أثار تعاطف الآلاف معها، وشنّ جمهورها حملة شرسة ضد الفندق، تتهمه بالإذلال العلني وسوء المعاملة.
المشهد الرابع: قرار حاسم من الفندق ثم تصعيد
في ظل الحملة المعاكسة، أصدر الفندق بيانًا جديدًا:
“بعد موجة الإهانات التي تلقيناها بسبب رفضنا إعطاء غرفة مجانية لمدونة غير معروفة، قررنا حظر جميع المدونين والمؤثرين من دخول الفندق والمقهى التابع له.”
وهاجم البيان ما وصفه بـ”ثقافة الاستحقاق” المنتشرة بين بعض المؤثرين:
“هل كانت ستكتب عنّا بشكل إيجابي لو رفضنا عرضها؟ هذا وحده يفضح هشاشة ما يُعرف بتسويق المؤثرين.”
تحليل: ما وراء القصة؟ بين التأثير الرقمي والتسويق الأخلاقي
هذه الواقعة لم تكن مجرد خلاف شخصي، بل فجّرت نقاشًا عميقًا حول:
- مصداقية المؤثرين: هل ما يُكتب ويُنشر على صفحاتهم حقيقي أم “مدفوع بشكل ناعم”؟
- الابتزاز المغلف بالتعاون: هل طلب الإقامة المجانية مقابل تغطية يعتبر عرضًا مشروعًا أم ضغطًا أخلاقيًا على المؤسسات الصغيرة؟
- الأثر النفسي والعاطفي: هل تعاطف الناس مع دموع Elle كان مبررًا؟ أم تسويقًا لعواطفها أكثر من فكرها؟
وجهة نظر مهنية: هل التسويق عبر المؤثرين فقد مصداقيته؟
أغلب حملات التسويق عبر المؤثرين تعتمد على التفاعل العاطفي، لا على القيمة الحقيقية.
لكن حين يتم خلط التعاون بالإجبار، والمحتوى بالإغراء، والتوصية بالتسويق غير المعلن، فإن:
- المتابعين يُضلَّلون
- المؤسسات تُبتز معنويًا
- والسوق يفقد ثقته في ما يُقال وما يُروَّج له
تشبيه واقعي دقيق:
“كأنك تذهب لشراء سيارة مع صديق تثق به، ثم تكتشف لاحقًا أنه أخذ عمولة من البائع على قفاك.”
خلاصة: دروس من القصة
- لا المؤثر فوق النقد ولا الفندق معصوم من الرد القاسي.
- العلاقات التجارية تحتاج إلى شفافية واتفاق مكتوب، لا مجاملات عاطفية.
- التأثير الحقيقي لا يأتي من عدد المتابعين، بل من الثقة المتراكمة.
- والأهم: أن ترفض المهانة… حتى لو كلفك ذلك حملة هجوم.
احترم المحتوى، احترم جمهورك، وكن دائمًا واضحًا فيما تروج له.
فالعالم الرقمي لا ينسى لكنه لا يسامح الخداع أيضًا.