هل يمكنك أن تسهم في زيادة الكلفة؟

إن كل ما نكتبه، وكل كلمة نذيعها، وكل صورة نلتقطها، وكل منشور نرفعه، وكل هتاف نهتف به، ليس رفاهية عاطفية، ولا صرخة في فراغ، بل هو سهم في صدر الاحتلال، وسِكّين تُقرب أجله.
إننا لا نحرّر غزة بالكلمات، ولا نطرد المحتل بالمظاهرات، ولا نسقط طائراته بالدعاء، لكننا نزيد كلفته، ونثقل عليه خطاه، ونمنعه أن يحكم قبضته بلا مقاومة.
خروج المظاهرات كل يوم في الضفة والقدس، وإن لم يحرر شبرًا، لكنه يستنفر وحدات كاملة من جنود الاحتلال، يرفع حالة الطوارئ، ويربك منظومة الأمن، ويهدم صورة السيطرة، ويزيد الكلفة.
تكبيرات الشجعان على الحدود الأردنية (482 كم) مع فلسطين لا تهز جدارًا، لكنها تهز قلب الضابط الصهيوني المرابط على الجدار، فيضعف، ويزيد احتياجهم للجند والعتاد، فتزيد الكلفة.
اعتصام الأحرار أمام معبر رفح لا يفتح المعبر المغلق منذ مايو 2024، لكنه يرعب من أغلقوه، ويفضحهم، ويدفع العدو ليعيد حساباته، فتزيد الكلفة.
الإعلام الحر حين يفضح جرائم الاحتلال، يُرغم الكيان على تخصيص جيوش من الناطقين والدبلوماسيين لتبرير جرائمه أمام العالم، فتزيد الكلفة.
مقاطعة المنتجات الداعمة للاحتلال لا تسقط تل أبيب، لكنها تهز كراسي التنفيذيين في الشركات الداعمة، وتُضعف أسهمها، وتُرعب مجالس إداراتها، فتزيد الكلفة.
ملاحقة الاحتلال أمام المحاكم الجنائية لا تُوقف المذبحة، لكنها تُحرّك مكاتب المحامين والسياسيين والمتحدثين باسمه في كل اتجاه، يدافعون عن دم وجهه الملطّخ، فتزيد الكلفة.
الدعاء في المساجد لا يوقف الصواريخ، لكنه يعيد بوصلتنا، يفضح من منعوه، ويجمع الأمة على كلمة واحدة، فتزيد كلفة الخذلان على المتخاذلين.
لكن.. ماذا إن كانت الشعوب تريد، والأنظمة ولجانها تثبّط؟
ماذا إن كانت الأمة تنادي، والباب موصد من أبناء الشعب الواحد؟
ماذا إن كان من بيننا من لا يزيد كلفة الاحتلال بل يُنقصها؟!
أن تبرر للاحتلال في الإعلام، وتسيّر له قوافل الفواكه والخضار، وتستقبل وفوده في بلادك، وتطارد المقاومين، ويطعن شيوخك في شرف المقاومة، وتفتح جيوشك له الموانئ والمطارات، وتمنع المساجد من الدعاء لغزة وأهلها، وتحرم الأحرار من التظاهر، وتعتقل المعتصمين في الشوارع، فأنت لا تنقص الكلفة فقط، بل تُمكّن له.
كل كلفة لا يدفعها الاحتلال اليوم، سندفعها نحن غدًا من دمنا، من حاضرنا، ومن مستقبلنا.
وإن كان في كل أمة ثغر، فلتكن هذه الثغور جسدًا واحدًا، وروحًا واحدة، لا يمر منها العدو إلا فوق رمادنا.
لن يسقط الاحتلال إلا إذا شعر بأن الأرض من تحته تضيق، وأنه ليس في راحة بل في حصار دائم، لا بالأسلاك والمعابر فقط، بل بالرأي والكلمة، والوعي، والصمود، والمقاطعة، والملاحقة، والمواجهة.
كل يد تكتب، تهتف، تصمد، تدعو، تتبرع، تواسي.. تُدق بها أبواب الحرية، فكونوا أبطالها.
كونوا أنتم الكُلفة التي لا يطيقها الاحتلال.