هناك شيء لم يكتمل
توجد في المخ خلايا عصبية مسئولة عن قياس الأشياء من حولك وتقديرها، وإعطائك معلومات كمّية وكيفية عنها حتى في حال عدم تركيزك، وعندما تختفي بلا مبرر واضح للعقل يظل في النفس تساؤل يفرض نفسه: كيف حدث ذلك؟
*هناك شيء لم يكتمل!
هذه الحالة يعرفها السائق الذي ألِف أبعاد سيارته ومقدار الضغطة على دواسة الوقود وأثرها في سرعة حركة السيارة، وتشعر بها أنت عندما تشرب كأسًا من العصير خلال متابعة مباراة، ويهم أحد بأخذ الكأس فترد عليه: مازال فيها عصير.. حتى وقت اندماجك بكل حواسك مع أحداث المباراة مازالت هناك منطقة خفية في عقلك مسئولة عن تنبيهك عن كمية العصير المتبقية، تلك المعلومة مررها العقل للنفس فجعلها تتوق وتتعلق بما تبقى، لذا كان الرد من العقل سريعًا:
*هناك شيء لم يكتمل!
في بعض الأحيان تشعر بذلك ولكن لا تعبر عنه لفظًا، نعم.. عندما تكون أبًا، فالآباء يشعرون بهذه الحالة على الدوام.. حينما تقشر برتقالة لتأكلها وعقلك يحصي حجمها وكميتها وعدد أقسامها ويبرمج نفسك كي تتهيأ لالتهامها، تأكل فلقة تلو الأخرى، وعقلك يخبرك أن هناك المزيد، ثم لا تجد المزيد.. وعقلك يؤكد لك عكس ذلك..
تنظر حولك فترى صغيرك يأكل ما تبقى من البرتقالة..
فتكبح شعور نفسك التي تتوق، وتعاند برمجة عقلك، وتبتسم من داخلك راضيًا رغم أن هناك شيئًا لم يكتمل؛ ذلك لأنك أب!