معادلة المحبة لأصحاب الرسالة وحملة الراية
رغم أن سورة يونس تضم 109 آية، إلّا أن ذكر نبي الله يونس لم يرد فيها إلا مرة واحدة في الآية 98 في قوله تعالى: ﴿فَلَوْلاَ كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيَمَانُهَا إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَماَّ آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الخِزْيِ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ﴾ [يونس: 98] بينما وردت فيها آيات تتحدث عن قصة موسى وفرعون، تحمل تفاصيل وردت في سور أخرى، ورغم ذلك لا ينبغي لنا أن نطلق عليها “تكرار“، ففي كل موضع من سور القرآن وردت فيه قصة موسى عليه السلام كانت الألفاظ والأحداث تصاحب الجو العام للسورة، فتتماهى مع ما قبلها وما بعدها من آيات في نسق واحد، وتنسج بينها البلاغة ثوبًا من سندس وإستبرق، لإيصال رسالة مشتركة، وفكرة مهما تعددت أطرافها فوجهتها واحدة.
اسم السورة مرتبط بجوها العام:
أما عن اسم السورة، فبمجرد ذكر اسم سيدنا يونس عليه السلام، يتبادر للذهن قصته مع قومه الذين يأس من إيمانهم فأبق مسرعًا للسفينة قبل أن يحل عليهم عذاب الله، وتركهم بلا رسول ولا رسالة، فجاءه التأديب الإلهي حين ساهم في القرعة فكان من المدحضين والتقمه الحوت، فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون.
تحمل هذه القصة عبرًا عظيمة، واحدة منها على الأقل تفيد أن الرسالة باقية حتى وإن يأس الرسول من إيمان الناس بها أو فنائه، ويجدر بالتابعين أن يتمسكوا بالرسالة ومفرداتها، وأن يعضوا عليها بالنواجذ؛ لأنها الطريق لإرضاء الله سبحانه وتعالى، مرسل الرسالة والرسول.
حاملاً هذا الانطباع عن سورة يونس عاود قراءتها من جديد، لتستشعر جوها العام وكثافة التركيز في الآيات على العناصر التالية:
- دين الإسلام على مر العصور (الرسالة)
- – والرسول
- – ورؤية البشر المحدودة لحقيقة الآيات من حولهم ومسببها
ثم انتقل لقصة موسى وفرعون؛ لتزداد يقينًا أنه لا يوجد تكرار للتفاصيل، ولاحظ دقة الوصف القرآني وكيف خان التعبيرُ فرعونَ لحظة الموت فقال حال الغرق: ﴿آمَنْتُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الذّي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ المُسْلِمِينَ﴾ [يونس: 90].
ظناً منه أنهم يقربوه من الله زلفى، ربط فرعون بين الإيمان برسالة الإسلام وبين البشر من بني إسرائيل عندما استحالت حياته، ولم يتجه لله سبحانه في دعوته، فكان الرد الحتمي: ﴿آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ المُفْسِدِينَ * فَالْيَومَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ﴾ [يونس: 92]
ويؤكد رسولنا ﷺ إتباعه نفس نهج الأنبياء السابقين فجاء الخطاب على لسانه ﷺ في السورة ذاتها: “قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتِّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ [يونس: 15] فهو يحمل لنا الرسالة ومحبتنا له طريق لفهمها وسبيل لإتباعها..
وبذلك يصبح أبسط وجه للمعادلة:
نحن المسلمون، نتبع صاحب الرسالة الأعظم ﷺ مادام فينا، وبعد وفاته تبقى رسالته خالدة بيننا، ومن يحمل الراية من علماء ودعاة يزيدونا في الرسول محبة، ومن رسالته قربًا، ولسنته فهمًا وتطبيقًا، وصولاً لمحبة الله ورضاه.
وعند تطبيق تلك المعادلة على واقعنا نلحظ فتنة تسربت لقلوب خلق كثير، شريحة الشباب خاصة، فُتنوا بمحبة العلماء والمشايخ والمفكرين، فشُغلوا بمتابعة أخبارهم، وتعلقوا بصورهم، وأدمنوا أحاديثهم، دون الوصول للغاية التي يسعى لها أولئك الدعاة ولا مبتغى رسالتهم، واستبدلوا الحب الخيالي بالفهم الموجب للإتباع، وجهلوا أن صاحب الراية يقف خلفها لا أمامها، يدعوهم لمحبة المضمون لا لمحبته دونها، ويأخذ بأيديهم للحاق بالصفوف الأولى أملاً أن يكون له مكان.
لذا حينما أحب علماء الإسلام فلأنني أعتقد أنهم من حاملي الراية، وإتباعهم سبيل للوصول لمحبة صاحب الرسالة..
فأحبهم
وأحب الرسول ﷺ
والرسالة
وأحب الله
الله يرزقنا حبه
جزاك الله خيرا وبارك الله فيك
رائع جداً أخ خالد …
ما ذكرتْ ، هي سبل موصلة إلى الغاية العظمى ، والمرتبة الأسمى
ويجب أن لا تشغلنا الوسائل عن الغايات …
نسأله تعالى أن يرزقنا حبه ورضاه
بوركت 🙂
قال تعالى: ( من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا ( ليجزي الله الصادقين بصدقهم ويعذب المنافقين إن شاء أو يتوب عليهم إن الله كان غفورا رحيما) )فالله سبحانه وتعالى علم بقدرته ان حاملي رسالة الايمان سيبقوا رغم رحيل رسولنا الكريم لجواره وفي زماننا هذا نراهم جليا في فلسطين رخصوا أرواحهم لله فأحببناهم وتمنينا مرافقتهم في الجنة لا لشيئ الا أننا لسمنا منهم صدقهم وصدق ما استشهدوا عليهم فنحن أحببنا الحق الذي تجسد فيهم وهذه الاية تبشر سالكي طريق الحق أنهم ماضون ومكملون نهج نبي الرحمة الذي قال حين أحس بدو أجله
قال الحبيب صلى الله عليه وسلم:
“وددت لو رأيت اخواني
قالو:أولسنا إخوانك يارسول الله؟؟
قال:لا..أنتم أصحابي أما اخواني فقوم يأتون من بعدي
يؤمنون بي ولم يروني”
اشتاق الينا!!بل بكى شوقا الينا!!بل بكى شوقا إلينا!!وتمنى رؤيتنا
أما قال “وددت لو رأيت إخواني”نعم قالها الحبيب عنا!!
وما استشعرنا تلك الكلمات…أما العلماء فاذا أحببناهم فليس حبا أعمى بل لأنهم ورثة الأنبياء ورافعي مشعل النور في زمن الظلام والفرقة والشتات..
السلام عليكم-أخ خالد وقع مني خطئ وأنا أكتب التعليق حيث قلت -قال قتالى والصحيح -قال تعالى -أرجو منكم تصحيحها ولكم جزيل الشكر..