الحكومة الوقود طوابير غزة وأشياء أخرى
الأفاضل في حكومة غزة المنكوبة، أُشهد الله أني أحبكم وأعرف يقيناً أنكم ما تخليتم عن الوطن، ولم تبيعوه على طاولة المفاوضات لا قطاعي ولا بالجملة، ولم تنسقوا أمنياً مع العدو الصهيوني، ولم تعتقلوا المناضلين بتهمة مقاومة الاحتلال، ولم تنزعوا سلاح المقاومة، ولم تنعتوا الصواريخ بالعبثية، كما لا أشك في انتمائكم لفلسطين وتضحيتكم من أجلها واستشهاد قادتكم وأبنائكم ورغم ذلك مازلتم على عهدكم وتمسككم بالثوابت.
أتفق وإياكم سلفاً أنكم جئتم بقرار الشعب عبر انتخابات حرة ونزيهة شهد العالم لها بالديمقراطية، ومن يومها والمؤامرات كالمطر الأسود تتساقط زخات من كل حدب وصوب.
ولكن..
بعيداً عن دهاليز السياسة وقريباً من حالتي أنا المواطن المرابط في غزة، فتلك المصائب مازالت تتوالى علينا نحن الشعب المحاصر، ولا نكاد نخرج من أزمة حتى نقع في أكبر منها، الطوابير يا سادة أصبحت علامة مسجلة وماركة معتمدة لنا في معظم مدن وشوارع غزة، المخابز والمستشفيات والبنزين والبنزين السوبر والسولار وأنابيب الغاز وبقية أشكال الوقود الأخرى التي قد تشاهدونا ونحن نتهافت عليها، عرفنا معها كم كانت أزمة الكهرباء “حنينة” علينا، على الأقل فشركة الكهرباء اليتيمة سنت لنا جداول تقطع فيها التيار وجداول “للترعيش” وثالثة للشم على اعتبار أنها هيروين الحياة.
بينما تصرف فردي من مرافق مسئول أو قيادي في حكومتكم الرشيدة يتجاوز الناس في أحد الطوابير المذكورة أعلاه كفيل بأطنان من الإشاعات وملايين المسبات واللعنات على الحكومة “واللي انتخبوها”..
يا كرام..
أنا مواطن بسيط لا أملك الجلَد للصمود في معركة عض الأصابع، لا أدعي المثالية ولا أوافق أن يجبرني أحد عليها، لا تعنيني الأرقام والمناكفات السياسية، ولا أدري إن كانت قطر تمزح أو تخدر أطرافي، ولا تربطني صلة نسب مع فلول النظام المصري لأقنعهم بالتخلي عن أعمال البلطجة، ولا “بمون” على أحد من شيعة إيران ولا سنيها لأرجوهم تمويلكم، ولا أجد الوقت الكافي لأتابع تصريحات هنا واتهامات هناك، أصلاً لا أجد الكهرباء لأسمع وجهة نظركم الكريمة، معظم يومي خارج بيتي إما في انتظار المواصلات أو في معركة الوقود أو مناظرة المخبز الصباحية أو تراني أكيل الاتهامات لمحل الأجهزة الكهربائية وكلي يقين أن الكهرباء هي من أفسدت معداتي، وفي أوقات الفراغ أتشاغل عن همومي بتأنيب أولادي إذ أدعوهم للخروج بحثاً عن عمل وأنا على ثقة أنهم للبطالة أقرب..
أيها الكرماء..
أزمة الكهرباء تفاقمت وبعد خمس سنوات جلستم في التشريعي على ضوء الشموع تضامناً، قضية الوقود عاثت فينا فساداً وبعد شهرين حركتم سيارات الحكومة للركاب مساندة، احتكر كبار التجار كافة المحروقات وبعد أسابيع الترهل والتشرذم تحركتم لتقنين عملية التوزيع مناصفة، عفواً.. ألا تعتقدوا أن ردود أفعالكم تأتي دائماً متأخرة؟ وتقابل بالتهكم حيناً وبالاستخفاف أحياناً أخرى؟!.
ألم تسمعوا أحاديث الناس وهي تنهش أعراضكم، وتأكل لحمكم وتحمل الأوزار على ظهوركم في إفك أعانهم عليه قوم آخرون تعرفونهم وترونهم مثليهم رأي العين؟
بالله عليكم أترضون أن يُتهم الإسلام ويوصم أهله بالفساد وانعدام المسئولية والأهلية، ثم تطالبون الناس بالصمود والمثابرة؟ اخرجوا لنا وحدثونا وجهاً لوجه عن طاقاتكم وقدراتكم المحدودة وتكالب العالم عليكم، اقتربوا من آلامنا وأوجاعنا أكثر، امشوا معنا في الشوارع وقفوا في الطوابير وأقيلوا كل مخرب.
مذ حللتم لم أسمع عن استقالة وزير أو إقالة مدير أو توجيه أصابع الاتهام لمسئول، أو محاكمة مقصر أو إدانة متخاذل، ولو بشكل صوري يزيل وساوس المتذمرين من حولي على عشقكم السرمدي للكرسي.
لا تلوموني إن نفست عما في خاطري، فأنا مواطن على الله توكلي وعلى كاهلكم أمانتي، وأكثر ما أحزنني انشغالي والمواطنين أمثالي بسفاسف الأمور بعيداً عن المعالي، وآلمني وآلم كل حر ألا مكان للقدس في حديثنا.
توقيع: مواطن من غزة
بصمة أولى كعادتي 🙂 ولي عودة للتعليق وأفش غلي
كالعادة سيأتي الكثير من المعلقين للقول ان هذه مؤامرة وعلى المواطن تحملها وعلى المواطن ايضا تحمل الرشاوى وعلى المواطن تحمل الواسطات وعليه ايضا تحمل ارتفاع الاسعار وعليه تحمل انقطاع الكهرباء من سنين وعليه تحمل كذب ودجل المسؤولين.
عليه تحمل كل شيء من كل حدب وصوب والسبب ببساطة ان كل مايحدث في غزة هو مؤامرة مدروسة ومحبوكة, تارة من حكومة رام الله وتارة من مصر وتارة من امريكا واسرائيل
ياأخي احترموا عقول العباد فليس كل ماهب ودب مؤامرة.
بصراحة الحكومة في غزة اهلكت المواطن من جميع النواحي وهي لاتصلح الا لقيادة جمعية خيرية كما قالت الدراسات التركية
الأفكار كثيره والحديث يطول ولكن خلاصته كلمتين (سحقاً لحكومة الجباية)
أنا التاني يا ياسر 🙂
حسبنا الله وبس خلص الكلام فش بطرية
في تعديل وزاري جديد جاي إن شاء الله للأفضل
آآآآه غزتي .. ما أكثر آلامك ، وما أقسى آهاتك ..
كلام المواطن الغلبان يتكلم من حرقه دمه على هذه الحركة العملاقة الابية العظيمه و لكن بالتأكيد سيخرج بعض المعلقين ليدسوا السم بالعسل و اظهارها معاناة الكون .لكن من يعيش في معظم دول العالم يجد أنه لا يوجد راحة في أي مكان لأننا بالآخر في دنيا فانية
أخي أبو فارس ..
الموضوع فيه نوع من التوازن ، فأنا أعتقد أن الحكومة تدير الأزمة بشكل أفضل من ذي قبل ، وأنا أشجع فضح كل الممارسات الخاطئة والفساد في العمل الحكومي وأن يكون على الملأ ، وأعتقد أيضا ان هذا سيرفع من شأنها عند الناس .
وفي نفس الوقت نحن كشعب فلسطيني بفضل الله شعب واع ومثقف ولا يقبل أن يكون ” طنجرة ” يعبأ من المسئول ، فهو جزء من الواقع فليس من المقبول بمكان أن أقول ليس لي دخل بما يحيط بي من مؤامرات وأنا أحتاج كذا وكذا فهذا يخدم المحتل ولكن دورنا سيكون إزعاج المسئولين بمطالبتهم بالأداء الأفضل بإدارة الأزمة والتقرب من الناس في معاناتهم وهي موجودة ولو قليلا وأيضا أن نصبر الناس ونوضح لهم الأمور في حقيقتها الجلية ونضعها في نصابها الصحيح أننا في أرض رباط و أن الصبر على البلاء ليس له ثواب إلا الجنة.