عبارات وعبرات

يوميات مواطن قديم: تلفزيون فلسطين في بيتنا!

في نص التسعينات بعد ما أجت السلطة.. يا سلام شو فرحنا لما قدرنا نزبّط الإرسال ونجيب قناة فلسطين ع التلفزيون، صحيح ماكانتش اجزاز، بس المهم إنها تلفزيون فلسطين، صحيح مش ملونة بس مكفي إنه نشوف تلفزيون فلسطين، زي ما بأقولك هيك احنا جيل الأنتينا فوق السطح ما كانتش تفرق كتير هادي الشغلات معنا، بعدين الشغلة مش محتاجة ريموت كلها أربع أو خمس قنوات نغير بينها بالطقات..

القنوات اللي كانت بالتلفزيون عنا و على نص تلفزيونات البلد هي هي، وترتيبها هو هو، مصر القناة الأولى، مصر القناة التانية، الأردن، إسرائيل الأولى، و(عاروش شتايم) يعني إسرائيل التانية.

وبما إنه فلسطين دخلت ع الخط خللينها أول قناة، هادا انتماء مش لعبة، “بنت صغيرة بترسم خط صوّر يا مصوارتي صورة تجمعنا ع الشط“، مرات كنا نضحك على حركات (تمام أبو سليم)، ولبسها التراثي الغريب، بس كنا مبسوطين إنا نشوف حاجة فلسطينية ع الشاشة، أما أكتر يوم كيفنا فيه كان لما أجت (إيمان الطويل) تعمل لقاءات مع الناس عند الجندي في خان يونس، آه جندي خان يونس مش غزة، لأنه معظم أهل غزة بعرفوش إنه في جندي مجهول في خان يونس، زي ما بأقولك هيك..

المهم لما أجت دخلت على محل عمي جنب الجامع الكبير وحكت معه عن.. مش عارف عن شو، بس مكفي إنا شفنا عمي ع التلفزيون، وهو قاعد جنبنا بيتفرج معنا على حاله، يا خسارة ما كانش في جوالات لمس نسجل اللقاء ونحطه ع فيس بوك.. انبسطنا وكيّفنا يومها للسما، صرنا إحنا صغار البيت انطنط، فرحنا وصقفنا أكتر ما فرحنا يوم ما جاب مجدي عبد الغني جون في هولندا أيام مونديال 90 في إيطاليا، قعدنا أسبوع ع الأقل نحكي القصة لكل واحد نشوفه في الشارع والمدرسة، كتير منهم استغربوا مش عشان عمي طلع ع التلفزيون، لا.. استغربوا إنه في تلفزيون فلسطين أصلاً، لاقينا من واجبنا الوطني نحكي إلهم كيف يوجهوا الأنتينا فوق السطح عشان تيجي عندهم طبع..

اقرأ أيضاً: يوميات مواطن قديم: إضراب 6 و 9 من كل شهر

بعد هيك صرنا نتابع كل شي ع تلفزيون فلسطين: كرتون (سالي) اللي مش عارف من أي قناة لاطشينه كان باين إنه مسروق من اللمعة تحت الشعار، وكنا نشوف مسابقات سائد الخطيب، وإحنا اللي قالوا علينا صور، حتى الأخبار مع موسيقى بيتهوفن اللي يحطوها خلفية للأحداث، كنا نحضرها للآخر على أمل إنه يصوروا شارع بنعرفه أو منطقة مشينا فيها، ونظل مبحلقين في الشاشة لحد ما يخلص البث نص الليل، زي ما بأقولك لك هيك..

في هاديك الأيام كانت أفكارنا محصورة بين عالم الحيوان كل يوم جمعة ع مصر الأولى وبعده متولي الشعراوي، ويوم السبت المسا غرائب وطرائف ونستنى العلم والإيمان للدكتور مصطفى محمود لآخر الليل بس عشان موسيقته الخيالية، الغريب إنه برامج الأطفال كانت في الليل زي بؤلوز وماما نجوى، وبوجي وطمطم في رمضان، حتى الفوازير كانت فطوطة يعني للصغار، وألف ليلة وليلة نحضرها عشان أولها فيه كرتون، كنا نحب المدرسة صباحي أكتر من المسائي عشان نلحق نيجي الضهر نحضر مسلسل هند والدكتور نعمان ع القناة الأولى، حدا فيكو بيعرف إنه القناة الأولى كانت بتسكر من الساعة 1 لحد الساعة 3 ونص العصر؟

في الوقت هادا كنا نحوّل ع تلفزيون الأردن، ونحضر المناهل وأبو الحروف ومختصر مفيد وكرتون سندباد وياسمينة، صحيح كان يزعجنا كتير صوت مخشيرات اليهود بس كانت الحاجات اللي نتابعها تستاهل والله، خصوصاً وإنهم كانوا بيحكوا عربي فصحى، حتى مرات نسهر يوم الأربعا عشان نحضر المصارعة الحرة أيام ما كان هولك هوجان يمزّع فانيلته الصفرا أول ما يدخل الحلبة، لما بدنا نشوف حاجة أجنبي كنا نروح ع قناة مصر التانية ، أشهر مسلسل شافه كل جيل التسعينات هو “ذا بولد آند ذا بيوتيفل” (الجريء والجميلات).

إسرائيل الأولى كان فيها كتير برامج عربية، تجيب يوم الاثنين رياضة، الدرجة القطرية والدرجة الممتازة، من يومها علقت في مخي “سخنين”، ويوم الجمعة بعد العصر فلم مصري ما عمرنا شفناه على التلفزيون المصري، ويا سلام على المسلسل الكوميدي “مطعم أبو رامي” وبرنامج “تجديدات واختراعات” العلمي كل سبت، والمرأة الحديدية.. و

يمكن حكيت كتير عن البرامج والحاجات الحلوة اللي أدمناها وحبيناها في القنوات التانية، بس عشان تعرف إنه لما أجا تلفزيون فلسطين تخلينا عنها كلها وسبناها وقعدنا قدام الشاشة نستنى تكون بديل يخللينا نستغني عن أخبار سبعة ونص في إسرائيل اللي بتقول عن المحتل “جيش الدفاع”، وعن المقاومين “مخربين”، وعن القدس “أورشليم”، نستنى قناة تحكي عن الناس وهمومها، مش عن الرئيس وسفرياته، تحكي عن البلد ومشاكلها مش عن المفاوضات وفوائدها، تحكي عن الصغار وأحلامهم مش عن الوزراء وأبراجهم..
يوم ما أجا تلفزيون فلسطين كان نفسنا نشوف البلد بعيون ناس حبوها مش ناس جايين يبيعوها..
كنا نستنى قناة تلم العيلة كلها مش تفرقهم ألوان وأحزاب..

بالمناسبة مش متدايق إنا ما لاقيناش اللي كنا نتمناه في تلفزيون فلسطين..
بس زعلان إنه أولادنا هالأيام ما عندهم انتماء لأي قناة فلسطينية..
ولا ذكريات حلوة مع محطة يحكوا عن مغامراتهم معها لأولادهم وأحفادهم في أحلى فترة من حياتهم..
لأنه باختصار مفش تلفزيون فلسطيني في بيوتنا..
زي ما بأقولك هيك!

_____________
مصدر الصور: مدونة قلم ودفتر لامتياز النحال زعرب

خالد صافي

خالد صافي مختص في التسويق الرقمي ومدرب خبير في الإعلام الاجتماعي، حاصل على لقب سفير الشباب الفخري من وزير الشباب والرياضة التركية، حاز على جائزة أفضل مدونة عربية لعام 2012 من دويتشه فيله الألمانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Protected by WP Anti Spam
شاهد أيضًا
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى