قصف جبهة – الجدل المحمود
أفحمته
دخلت هذه المصطلحات ثقافتنا من العالم التقني وأصبحنا نراها في منشورات الأصدقاء على صفحاتهم وحساباتهم.. بعضنا يبتسم لها بابتسامة جانبية خفيفة ? ويشارك صاحبها لحظة الانتصار
وبعضنا يستغرب ? هذا القصف العشوائي ومقاصده!
والحسن البصري يقول: «المؤمن يداري ولا يماري ينشر حكمة الله فإن قُبلت حَمد الله وإن رُدَّت حمد الله» هل قصفت تلك الجبهة بمنشورك على فيسبوك لتُظهر الحق وتبطل الباطل أم لتنتصر لنفسك وتُعلي من شأنها؟
الإجابة على هذا السؤال تحدد ما إن كنت في دائرة الجدال المحمود أو المذموم في عالم التواصل الاجتماعي
مخطئ من ظن أن الجدال علامة فهم وإشارة علم.. قال محمد بن الحسين: «من صفة الجاهل: الجدل والمِراء والمغالبة» ? ما الفرق بين المِراء والجدال؟
الذي يجادل ويعلّق ويناقش ويسأل من أجل معرفة الصواب ويسعى للاهتداء للجواب ويوافق على ما جاء فيه ويرجع عن قوله إذا تبين له خطأه هو من فهم قوله تعالى: «وجادلهم بالتي هي أحسن» لأن هدفه الوصول إلى الأحسن والأصوب لا الانتصار للنفس.. أما الذي يماري ويصر على ما جاء في منشوره ولو كان من غير دليل ولا يتراجع عن تعليقه، ولا يقبل إلا ما يوافق رأيه، ويقصد الانتصار لنفسه وتحقير غيره وقصف جبهته وإفحامه فهو المنبوذ.. لذا نجد معلم البشرية صلى الله عليه وسلم يقول لنا: «أنا زعيم بيت في ربض الجنة (أي أدناها) لمن ترك المِراء (أي الجدال) وإن كان محقًا»
والمِراء هو استخراج غضب المجادل
اندثرت المنتديات وذهب أرشيف ضخم من جدال كان يعتريها
ودخلنا عصر مواقع التواصل الاجتماعي ولم تتغير مفاهيم كثير من الناس
أقحمونا في نقاشاتهم القطبية ومعادلاتهم الصفرية إما مع أو ضد، وإما صواب أو خطأ ولم يتركوا لنا هامشًا رماديًا نتحرك فيه ونجمع وجهات النظر ونرتقي معا.. قال الأوزاعي رحمه الله: «إذا أراد الله بقوم شرًا ألزمهم الجدل ومنعهم العمل»
اجعل من حوارك على منصات مواقع التواصل الاجتماعي أماكن للمناصحة وافتح باب الفائدة للناس
وابتعد عن الجلوس للمناظرة وإفحام الأصدقاء
قال الشافعي رحمه الله: «ما حاورت أحدًا إلا وتمنيت أن يكون الحق إلى جانبه»
وإن قابلك مجادل يريد أن يماري رد عليه بتعليق واحد: ما تقول يعبر عن وجهة نظرك ولك الحق في قولها.