عقل وقلب

وفي السماء رزقكم وما توعدون

أعلم يقينًا أن الله حين نفخ الروح التوّاقة للحياة في نفسي إنما لتكون مصدر بهجة لي في حياتي؛ لذا تراني أترك العنان لها لتُدخلَ السرور عليّ كل يوم، وأنطلق مع إشراقها كل صباح على سجيتي أملاً في سعادة جديدة، أبث كلَّ ما بداخلي من طفولة وبراءة وعفوية وانطلاقة وحيوية ومحبة للحياة كي أشعر بجمالها..

كلما ضاقت بي الأحوال وعارضتني دروب الحياة والأعمال والمسئوليات والزوجة والأهل والأولاد، أجرب حظي مع الصغير المرح المندهش داخلي، أستفزّه ليعبّر عن نفسه بروحه الطاهرة، كيما يتعامل مع المتغيرات بسذاجته وعدم مبالاته، فأعبُر ما كنت أظنه أحلك الظروف وأصعب الأوقات بقول: الحمد لله.

إذا سألتني: كيف؟

أقول: لابد أن لك آية قرآنية تركن إليها إذا استعصت عليك دروب الحياة وضاقت سبلها، جرّب مثلًا قوله تعالى: ﴿وَفِي السَّماءِ رِزقُكُم وَما توعَدونَ﴾ [الذاريات: 22]

آية تمدك بأطنان من الراحة والطمأنينة، فمهما كانت درجة إيمانك، سترفع للسماء بصرك طلبًا للرزق والنجاة.

لذا حين تعلم أن الرزق في السماء أنت حتمًا لن ترجوه من أحد على الأرض، ولن تخاف على رزقك لو رفع فيك مسئول تقريرًا، أو خصم مدير راتبًا، أو حتى لو طردك من عمل، ستراهم بشرًا على هيئة أسباب تمضي وتعود كيفما يشاء لها المولى عز وجل في سجل حياتك.

حين توقن أن الأجل بيد الله في عليائه فلن يؤثر على صوت الحق فيك نباح كلاب ضالة مهما تواطأت، ولن تميل للباطل ولن تناصره وزبانيته مهما تجبّر وكثر سوادهم حوله.

هم عابرون، مثل الكواكب حول الشمس في فلك يسبحون، ينالهم نورها ولا يصلوا قلبها، فاجعلهم حولك يغدون ويروحون بطيبهم وغثائهم، بسخطهم وعطائهم، شرط ألا يلمسوا روحك الشفافة بما يعكّر نقاءها ويكدّر بهاءها.

واعلم أن قطع الرزق رزق، وضيق الرزق إنما لرزق أوفى، وصعوبة الطريق محطة اختبار لتصحيح المسار، وسحائب رحمة الله لك في الأجل كتبت، ونفحات رزقه سطّرت، وحين يحين وقت مرورك تحت ظلها قد تراها مخاضًا ظاهره أليم لكن باطنه فيه الرحمة.

لماذا؟

لأن المعاناة تزيدك نضجًا، والعقبات تصقلك تجربة، والنمو الصحي لا يكون في طريق بلا أشواك، والبلاء سنة من سنن الله في خلقه ليميز الخبيث من الطيب، ويعلم من يشكر ومن يكفر.

خالد صافي

خالد صافي مختص في التسويق الرقمي ومدرب خبير في الإعلام الاجتماعي، حاصل على لقب سفير الشباب الفخري من وزير الشباب والرياضة التركية، حاز على جائزة أفضل مدونة عربية لعام 2012 من دويتشه فيله الألمانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Protected by WP Anti Spam
زر الذهاب إلى الأعلى