تطبيق FaceApp بين الترفيه والتحريم
يحاول سكان هذا الكوكب السوشلجي الخروج من مآسيهم وتفاصيل حياتهم المريرة بمواقف طريفة؛ لذا يبحث الناس على مواقع التواصل الاجتماعي عن كل ما هو جديد لتجربته، وتنتشر المحتويات ذات الطابع الفكاهي بشكل فيروسي، وتحظى بالإعجاب والتندر من شريحة كبيرة من المستخدمين..
FaceApp تطبيق صدر عام 2016م، وحصل على جائزة التطبيق رقم 1 في 95 دولة حول العالم على متجر آبل عام 2017م، وحظي بأكثر من 50 مليون تحميل على متجر أندرويد حتى الآن.
يستخدم التطبيق تقنية الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بالشكل المستقبلي أو الماضي لملامح الوجه بناء على تحليل الصورة من خلال عمليات حسابية معقدة وخوارزميات ذكية للغاية، وذلك عبر محاكاة الطريقة التي تعمل بها الشبكات العصبية من أجل تغيير الشعر ولون البشرة وشكل التجاعيد فيها، وتعتمد درجة الواقعية على الصورة والألوان، لدرجة أن كثيرًا ممن استخدموه أقسموا أن نتائج صورهم تشبه آباءهم أو أجدادهم إلى حد بعيد، بينما لم يقتنع من جرب التطبيق للحصول على عمر أصغر..
باعتقادي هكذا برنامج يحوي بين طياته عشرات الأبحاث وبراءات الاختراع بعلوم الحاسوب والرياضيات والعلوم الإنسانية وصفات البشر، فهو بحد ذاته يعتبر أحد أهم إنجازات البشرية المذهلة.
وائل شحادة
ويقدم التطبيق مزايا أخرى منها: تغيير عمر ملامح الوجه، وإضافة عناصر مثل الابتسامة والشارب واللحية والنظارة والشعر المستعار، إزالة شعر الرأس بالإضافة إلى مجموعة من خصائص التعديل على الصورة وتحسينها..
جرب الأشخاص التطبيق على صورهم الشخصية فأعجبتهم النتائج، مما حداهم لتجربته على صور أقاربهم ثم انتقلوا لمشاهدة من يحبون ومن يكرهون بعد تقدم أعمارهم “افتراضيًا”، وفي المرحلة التالية صنعوا محتوى جديدًا بناء على صور المشاهير من الفنانين والسياسيين والإعلاميين والشخصيات الاعتبارية..
ولم يتوقف الأمر عند ذلك بل صنعوا مستقبلا للأحداث الجارية من خلال توقع أشكال الرؤساء والحكام ووعودهم الأزلية وعباراتهم التي ستلتصق بعروشهم حتى عمر طويل..
وانتشرت المقارنات لصور الفنانين والفنانات بين الواقع والمستقبل في محاولة من النشطاء للتندر بالمشاهير..
أنت تعرف طبعًا أنك تحب المشاهير وتعجب بهم، وفي نفس الوقت يوجد كاره صغير منزو في أعماقك نحو نجاحهم وتألقهم، وتسعى بين فترة وأخرى لإرضاء ذلك الكاره والانتقام من المشهور بالبحث عن أخباره السيئة وفشله، أو قد تصنع أنت ذلك الفشل بنفسك، وهذا التطبيق ساعد كثيرًا في قهر الفنانات اللواتي لا تظهر التجاعيد على وجوههن مع الزمن.
FaceApp حرام شرعًا!
أما أولئك الذين أقحموا الدين وجعلوا نية من يستخدم التطبيق كشف الغيب، هم بحاجة لفهم أعمق للواقع والحياة التقنية ومقاصدها، والنظر في مقياس فتواهم على اختراعات كثيرة في حياتنا ستصبح حرامًا لو سلّمنا بما يقولون، مثل: معرفة الأرصاد الجوية والتنبؤ بحالة الطقس، ومعرفة جنس المولود من الشهر الرابع، وفحص الأسنان للتنبؤ بالأمراض التي قد يتعرض لها الإنسان مستقبلا..
أما الذين يدّعون أن هذا يدخل تحت طائلة تغيير خلق الله فعليهم أن يعمموا نفس الفتوى على المرشحات (الفلاتر) التي تتم إضافتها على الصور قبل طباعتها أو نشرها لتحسين جودتها، وكل أدوات الزينة التي تستخدمها المرأة كي تسر زوجها إذا نظر إليها..
بالمناسبة لست محاميًا عن التطبيق ولا أفتى بحله ولا بحرمته، فالأصل في الأشياء الإباحة حتى يدل الدليل على التحريم، ولست أسخّف من أفتى بحرمته، لكني آسف على ما طال الدين من استهزاء وسخرية بفتواهم، أما هم فقد نالوا ما يستحقون.