الكونُ مازال في انتظارك
نعلم يقينًا أن الشمس هي النجم الوحيد في مجموعتنا الشمسية، والأرض مع الكواكب الثمانية ومجموعة من الكويكبات والأقمار تدور حول هذا النجم لتكوّن الليل والنهار، وهذا النظام الشمسي يوجد في مجرة درب التبانة، وهذه المجرة حلزونية الشكل، ضمن مجموعة مجرات تسمى مجرات المجموعة المحلية، وتحتوي كل مجرة على مجموعة ضخمة من النجوم، كما توجد مليارات المجرات في الكون، أحدث تقدير يشير إلى وجود 170 مليار مجرة في الكون، لكننا نعرف أنها أكثر من ذلك بكثير، إذ يشير التقدير الحديث إلى وجود 2 ترليون مجرة في الكون، تخيّل الرقم! ثم اضربه في عدد النجوم المحتملة فيها، ثم زِد على ذلك معلومة أن لهذا الكون أكوان موازية، وأخرى لم يصل لها علمنا المحدود ولم يحط بها خبرًا.
ثم اسأل نفسك السؤال العنيد: هل البشر هم الحالة الاستثنائية التي خلقها الله؟ أم يوجد لله خَلق آخر في الفضاء السرمدي سخّر اللهُ له نجومَ وكواكبَ في مجرات بعيدة عن نطاق علمنا؟
يقول تعالى: ﴿وَسَخَّرَ لَكُم اللَّيلَ والنَّهارَ والشَّمْسَ وَالقَمَرَ والنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأمْرهِ إِنَّ في ذَلكَ لَآيَاتٍ لِقَومٍ يَعْقِلُونَ﴾ [النحل: 12]
لعلّك انتبهت لعلامة الرفع التي علت ﴿النُّجُومُ﴾، ما الذي قد يوحيه لك هذا؟ ضمة ظاهرة أعلنت بوضوح أن النجوم مبتدأ مرفوع، وليست منصوبة بسبب العطف على ما قبلها، ضمة تخرجها من سيطرة فعل ﴿سَخَّرَ لَكُمْ﴾ بل هي مسخّرة بأمره وحده سبحانه، ولكن لمن؟
لا ندري، ولكننا على يقين أنها ليست لنا..
هذا يذهب بنا لاستنباط حالتين: الأولى أن هذه النجوم مسخّرة لغيرنا من خلق الله، والثانية أنها هي خلق الله منفردة بذاتها، وهذا نراه جليَّا في إشارة الله لمخلوقاته من الملائكة في السماء والبشر على الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدّواب حين ساوى بينهم كلهم في الإدراك والطاعة والعبادة والسجود له سبحانه في قوله:
﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ العَذَابُ..﴾ [الحج: 18]
لذا من الواضح أننا بحاجة لإعادة تعريف مصطلح “كائنات عاقلة” لأننا أمضينا الوقت بحثًا عن مخلوقات “عاقلة” في الكون، ولم ندرك خطأ اعتقادنا حين كنا نظن أن الأرض والشمس والقمر والنجوم أشياء مادية حولنا..
بينما هي مخلوقات من خلق الله في الكون الفسيح تستجيب لأوامره، بل وتطيعه رغم عظمتها على عكس كثير من البشر رغم ضعفهم..
﴿ثُمَّ اسْتوَىٰ إِلى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ﴾ [فصلت: 11]