تأكد أن النصر مع الصبر
أزاح الله حجاب الزمان عن أعين فتية الكهف ليحقق رغبة كانت تختلج في صدورهم، وصدور المستضعفين في زمانهم وفي أي زمان بعدهم، أنت ترجو مثلهم رؤية تحطم وانهيار القوى الباغية أمام قدرة الله الأزلية، وتبحث عن إجابة بشكل عملي على سؤال طالما راود قلوبَ المكلومين: كيف ينتصر الحق على الباطل؟ والأهم، متى؟
لهم، طوى الله ثلاثمائة سنة حتى يريهم تحقق وعده بانتصار المحرومين، وقدرته على إهلاك أهل الباطل من عبدة الأوثان والظالمين، والعجيب أن ذلك كله حدث بالنسبة لهم في رقدة نوم ظنّوا أنهم لبثوا يومًا أو بعض يوم..
لك، ذكر الله قصتهم..
كل الأصدقاء والأعداء، والحب والبغضاء والعذاب والطغيان والظلم والسجون والقصور والآلهة والجنود والجلادين والوزراء والامبراطور اختفوا من المشهد في ليلة وضحاها، رضخ الجميع في رقدة واحدة بمقاييس فتية فرّوا بدينهم إلى الكهف، ناموا مطارَدين واستيقظوا أولياء مبجلين بعدما انقشعت الغُمة، وزال الشرك وانتشر دين التوحيد.
من ألطاف الله بنا أنه يقهر الطغاة بالزمن، لا أحد يملك القدرة على المخالفة والمقاومة أمام قدرة هذا العتيد من جند الله، ومهما تجبّر الطغاة وملكوا من الثروة والنفوذ والإعلام والقوة والعسكر سيستلمون في النهاية.
كل أولئك الذين دقّوا طبول الحرب مع الله، واعتبروا أنفسهم آلهة يتحكمون في أرزاق الخلق وأعناقهم ما هم إلا عابثون يدورون حول محور الله رغم كل مخالفته..
حالنا كأهل الكهف قبل نومهم نتلهف لحظة انتصار الحق على الباطل الذي يعلو كالزبد..
أما السبيل إلى النصر مهما طال الزمن، فقد بيّنه لنا ربّ الحق في كتابه الحق مادمنا على الحق؛ ليربط على قلوبنا ويهيأ لنا من أمرنا رشدًا..
﴿وَاصْبِر نَفسَكَ مَعَ الَّذينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالغَدَاةِ وَالعَشِيِّ يُريدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَينَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا وَاتَّبَعَ هَوْاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا﴾ [الكهف: 28]