كيف خدعوك بهذه الأفكار؟
هو الذي أقنع امرأة بيضاء بالتخلي عن لونها وعمل (برونزاج)، وأقنع امرأة مكتنزة بإجراء عملية لف جسم، أو بالتخلص من الشعر بالليزر أو من الدهون بالشفط؛ لأنه أوهمها أن الرجال يفضلون هذا المظهر أكثر وأنها ستتمتع بصحة أفضل..
هو الذي جعل الشباب يقبلون على شراء الدباديب والورود الحمراء في 14 فبراير؛ بدعوى أنه عيد الحب وسيتضاعف حب الطرف الآخر لهم مع هذا النوع من الهدايا..
وعلى خطاهم اخترع (جاك ما) مالك متجر (علي بابا) يوم (العزّاب) في 11-11 وأقنع الشباب العازب أن يشتروا الهدايا أونلاين من متجره وإهدائها للعزاب أمثالهم.
هو الذي دفعك للبحث عن هدية يوم 21 مارس؛ كي تقدمها لأمك على اعتبار أنه (عيد الأم) ولا ولن يكتمل برّك بها دون تلك الهدية، ولما نجحت الفكرة اخترع لك في 21 يونيو يوم الأب..
هو الذي أقنعك بكل فقرات الفرح وتكاليفه الباهظة على اعتبار أنها مسلّمات لابد من الحفاظ على توارثها عبر الأجيال بداية من الخطوبة والصالة وبدلة الزفاف إلى ضمة الورد والكيكة وجلسة التصوير وغيرها..
هو الذي جعلك تشاهد المسلسلات والفوازير في رمضان وتتابع أخبار أهل الفن، وتشتري الملابس ليلة العيد.
كل شيء تدمن على استهلاكه في زمن محدد هو نتيجة تعرضك لعملية تسويق ناجحة!
قد تظن أنها عادات عادية توارثها الناس وأحبوها عن اقتناع، ودليلك هو عدم وجود مستفيد مباشر من وراء هذا النوع من التسويق!
دعني أؤكد لك العكس، هي عادات تُغرس في المجتمعات لتعزز الرغبة الشرائية لدى فئة من المستهلكين في مناسبات معينة، وهذا بدوره يخلق أسواقًا جديدة مهمتها تلبية تلك الطلبات للمستفيدين، وعندما أصبح الجميع يمارسها ظن الناس أنها عادات متأصلة في الثقافة الجمعية.
أما عن المستفيد دعني أوضح لك أن السوق من وجهة نظر العلامة التجارية نوعان:
الأول: سوق عام، طلبات المستهلكين فيه عشوائية غير مرتبطة بزمن ولا مواصفات محددة، غير واضح المعالم، ولا تقدر العلامة التجارية التنبؤ باحتياجاته المستقبلية.
الثاني: سوق مخصص، فيه فئة محددة من المجتمع لها مطالب استهلاكية واضحة في أوقات زمنية معينة تقدر العلامة التجارية التنبؤ باحتياجاته المستقبلية، بل وإقناعه بأنها من احتياجاته واهتماماته الأساسية.
من وجهة نظرك أيهما الأفضل للعلامة التجارية؟
بالطبع الثاني أيسر ربحًا؛ لأنها تعرف طلباته قبل زمن وتقيس احتياجه بسهولة؛ لذا تراها تدعم توجهات الأفراد في هذا السوق حتى ولو خالف مبادئها..
الآن تعرف لماذا تتسابق مؤسسات تجارية لدعم أقليات أو فئات منتكسة على الفطرة (الشواذ مثلاً)، ولماذا تحاول العلامات التجارية أن ترضي أصحاب الذوق المختلف حتى لو كانوا أقلية؟