ما معنى أن يقصف الاحتلال بيتك؟

هي لحظة واحدة كفيلة بأن تحيل ذكرياتك فيه مع أطنان الحجارة إلى غبار تذروه الرياح، كلما حاولت احتواءه تبعثر لمسافات أبعد..
قصف بيتك معناه أن تفقد ذلك الرباط المقدس الذي طالما ضم والديك وإخوانك وأحبابك من أهلك وأولادك تحت سقفه ومدك بالدفء والشعور بالحياة والرغبة في البقاء والأمل في مستقبل أجمل..

قصف البيت يعني أن تختفي ملامح طفولتك وشبابك فجأة، ويحل الوهن في أوصالك رغم أن الذي مر أمام عينيك من الزمن لحظة، لكنها لحظة فارقة سلبت معها من عمرك ملايين السنوات الضوئية، ورسمت على ملامح وجهك التجاعيد الحزينة..

حين يُقصف بيتك ستعاند ذاكرتك وتجتر ما بقي فيها من صورٍ لجدران البيت في ذهنك، كيما تقنع نفسك أنه مازال رابضًا في مكانه، وأنه يمدك بالدفء كعادته، تفتح الباب وتسمع الضحكات وصوت الأواني القادم من المطبخ، كأنها أنغام المساء، والصغار وهم ينبتون من كل مكان على حين غفلة، تقابلك ابتسامة أمك تملأ وجهها، تعطي زوجتك ما في يمينك فتنهال عليك بطيب دعواتها، ويتحلّقك الصغار ينتظرون الحلوى بعناد أو مكافأة على درجة حازها أكبرهم في حصة الحساب..

جدران بيتك وحجراته رغم أنها هي هي منذ عشرات السنين، إلا أنها تحمل آلاف الذكريات والأحداث والمناسبات والقصص التي لا تقبل أن تختفي في لحظة اختارها عدوك ليقتلعك من جذورك ويمحو كل تلك التفاصيل من شريط حياتك بضغطة على زر إطلاق صاروخه المجرم..

أرجوك.. عندما تسمع أن أحدًا قصف الاحتلال بيته، لا تهوّن الأمر عليه..
ولا تقل له: “المهم أنكم بخير، المال معوَض”
البيت ليس مالاً فقط..
ولم يبق في العمر ما يعوّض كل تلك الكنوز التي كبرت معنا في بيوتنا!