حين يُقال لك: “أخلِ المستشفى” وأنت تمسك بخيط الحياة

تخيل أن يُطلب منك إخلاء مستشفى خلال نصف ساعة فقط
وأنت في قلب غرفة العمليات، تحاول أن تنتشل طفلاً من حافة الموت.
تخيل أن تنظر إلى مريضٍ ما زال جسده معلقًا بين غيبوبة البنج ومباضع الجراحين،
فتسمع من يناديك: “أخلِ.. فورًا!”
تخيل جهاز إنعاش ينبض فوق صدر رجل يحتضر، ويُقال لك: “افصله.. وارحل!”
تخيل امرأة تستغيث بين آلام الولادة، والمخاض على وشك أن يعلن وصول الحياة..
لكنك مأمور بتركها، فالحياة هنا أصبحت هدفًا للصواريخ.
تخيل مرضى الغسيل الكلوي مربوطين بأجهزتهم،
تخيل طفلاً يتنفس من خلال خرطوم أكسجين،
تخيل غرفة عمليات فيها أربعة جراحين، ومريض مشدود بين الضوء والأمل،
وتأتي الأوامر: “أخلِ.. المستشفى ستُقصف”
أي قاعٍ من الجحيم هذا؟
وأي عصرٍ هذا الذي أصبح فيه الطبيب مطلوبًا كما المطلوبين؟
أي دين وأي قانون يبرر قصف مستشفى يُنزف فيه الإنسان على طاولة الشفاء لا على ميدان القتال؟
الفظاعة تتسع
– الشفاء قُصف
– كمال عدوان مُسِح عن الوجود
– مستشفى رفح بات ركامًا
– العودة.. ضاعت
– مستشفى الأطفال؟ أيها العالم، هل هذا إسمٌ يُقصف؟
هل يعني هذا أن نُغلق أبواب الرحمة، ونترك الجرحى للنزف والموت،
وأن نصمت ونحن نُقتَل.. أو ونحن نُنقذ من يُقتل؟
هل هذا ما أراده العالم حين سكت، فسمح للصواريخ والمدَافع أن تسبق الضماد؟
قال رسول الله ﷺ:
“ولينزعنّ الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفنّ في قلوبكم الوهن.”
قيل: وما الوهن يا رسول الله؟
قال: حب الدنيا، وكراهية الموت.
ونحن؟
نقسم بربّ هذا الكون
أن الموت في سبيل الله، أحب إلينا من دنيا يتشدق بها الجبناء ويتواطأ لأجلها المنهزمون.
إلى الله نشتكي..
وإليه نرفع أرواحنا، وضمائر هذا العالم الخَرِب.