سوشال ميديا

الذباب الإلكتروني.. حين يصبح سلاح الاحتلال داخل بيوتنا

في زمن الإبادة الجماعية في غزة، لا يُقاتل العدو الإسرائيلي بالطائرات والدبابات فقط، بل يُطلق أيضًا جيوشًا صامتة لا تحمل سلاحًا فيزيائيًا، بل أخطر أنواع السلاح: سلاح الكلمة والتوجيه والفتنة.
ومن أخطر أدوات هذا السلاح: الذباب الإلكتروني واللجان الإلكترونية الموجَّهة.

هذا المصطلح الذي بدأ ينتشر خلال الأزمة الخليجية عام 2017، لم يكن مجرد وصف لحسابات وهمية تُغرّد بالتوازي، بل تحول اليوم إلى ذراع استخباراتي كامل، يُستخدم في تدمير الجبهة الداخلية، وتوجيه الرأي العام، وإضعاف المجتمعات من الداخل.

ما هو الذباب الإلكتروني؟

إنه منظومة مبرمجة من الحسابات الوهمية أو الآلية (Bots)، تُدار بشكل مركزي عبر أجهزة أمنية أو شبكات مبرمجين، وتعمل على نشر محتوى محدد بأوامر آنية وفق خطط ممنهجة.
في الظاهر، يبدو وكأن هناك رأيًا عامًا يتحرك، غضبًا أو اعتراضًا أو مطالبة بتغيير ما، لكنه في الحقيقة فخ نفسي مدروس، هدفه سحبك إلى حيث يريد العدو، لا حيث يستحق الواقع.

الذباب والاحتلال.. من الحذف إلى الهدم

في العدوان الحالي على غزة، الاحتلال يقتل، والذباب يُشرعن.
– تُقصف المدارس، فيقول الذباب: “المقاومة كانت تختبئ هناك”
– يُباد الأطفال، فيغرد الذباب: “من قال إنهم أبرياء؟”
– يُقطع الخبز والماء، فيُطلق الذباب: “لو تركوا الحكم، لأكل الناس وشربوا”

هنا يتكامل الدور مع الحرب النفسية والعسكرية، والهدف ليس فقط تشويه صورة المقاومة، بل كسر نفسية الصمود داخل المجتمع، ونزع الثقة، ودفع الناس نحو الفوضى.

اللجان والذباب: مطايا الأعداء

حين يخرج وزير حرب الاحتلال، كما فعل “كاتس”، ليقول لسكان غزة: “اطردوا حماس وسنوقف الحرب، وإن أردتم الهجرة الطوعية فالباب مفتوح”، لا تمرّ ساعات حتى تبدأ صفحات ووسوم ولجان تُردد ذات الرسائل، تُشيطن المقاومة، وتبكي على الناس، ثم تلقي اللوم على أبناء غزة أنفسهم.

هؤلاء ليسوا مغرَّدين عابرين بل جزء من الخطة.
جزء من مشروع الاحتلال في تفكيك المجتمع الفلسطيني، وتحويل المقاومة من مشروع وطني إلى “عبء داخلي” عبر الإلحاح الإعلامي.

جريمة تُصنَّف دوليًا

ما تقوم به هذه اللجان والذباب هو انخراط مباشر في الجريمة،
– تضليل للرأي العام
– تحريض على طرف في حالة حرب
– تبرير جرائم الاحتلال
– تفتيت النسيج الاجتماعي في وقت إبادة
– دعم سري لما يُسمى بـ “الحرب السيبرانية” والتي تُعَد أحد أركان جرائم الحرب الإلكترونية الحديثة.

كيف نحاربهم؟

  1. الوعي: لا تنجر خلف كل وسم، راقب النمط، هل المحتوى مكرر؟ هل اللهجة مصطنعة؟ هل يكثر الإعجاب والتعليق من حسابات بدون متابعين؟
  2. التوثيق: أرشِف هذه الحملات، فهي أدلة قانونية مستقبلًا.
  3. المواجهة بالحقائق: لا تسمح لتغريدة أن تطمس مجزرة، واجه الكذب بالصورة والصوت والتوثيق.
  4. كشفهم: انشر أدوات كشف البوتات، وساعد الناس على التمييز بين المغرد الحقيقي والمُبرمج.
  5. لا تكن صوتًا مجانيًا: إعادة التغريد دون وعي لأبواق الذباب = تضخيم لجرائم الاحتلال.

خلاصة القول:

الذباب الإلكتروني ليس افتراضيًا.. بل هو كيان خائن، يخترقك من الداخل، ويريد أن تكون أداة ضد نفسك.
وفي غزة، حيث تكتب الأرض بدمها أسطر العزة، ليس أخطر من صاروخ الاحتلال… إلا من يُسوّق له على أنه محرر وبديل.

خالد صافي

خالد صافي مختص في التسويق الرقمي ومدرب خبير في الإعلام الاجتماعي، حاصل على لقب سفير الشباب الفخري من وزير الشباب والرياضة التركية، حاز على جائزة أفضل مدونة عربية لعام 2012 من دويتشه فيله الألمانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Protected by WP Anti Spam
زر الذهاب إلى الأعلى