
عند تحميلك لأي تطبيق من تطبيقات التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك، انستجرام، تيك توك أو X (تويتر سابقًا)، قد يبدو للوهلة الأولى أنك حصلت على خدمة قوية ومجانية تمامًا. لكن الحقيقة التقنية والاقتصادية تقول عكس ذلك تمامًا:
إذا لم تكن أنت من يدفع.. فأنت المُنتَج.
1. اقتصاد الانتباه: السلعة الجديدة هي “وقتك” و”سلوكك”
المنصات الاجتماعية لا تبيع لك محتوى — بل تبيع انتباهك للمعلنين.
كل دقيقة تقضيها على هذه التطبيقات يتم تحليلها، قياسها، وتحويلها إلى بيانات تباع في مزادات إعلانية في الوقت الحقيقي.
كل تفاعل: إعجاب، تعليق، تمرير، توقف عند فيديو… هو إشارة سلوكية تستخدم لتحسين “خوارزمية الإدمان”.
2. من الأدوات إلى الإدمان: التصميم المُخادع
الفيلم الوثائقي الشهير The Social Dilemma يفضح كيف أن شركات التكنولوجيا توظف متخصصين في علم النفس السلوكي لتطوير واجهات المستخدم بشكل يجعل الخروج من التطبيق صعبًا.
- ميزة التمرير اللانهائي (Infinite scroll)
- التنبيهات الفورية المدروسة
- الخوارزميات التي تعرف نقاط ضعفك
كلها ليست “ميزات”، بل أدوات مصممة لجعل التفاعل مستمرًا، بصرف النظر عن القيمة الحقيقية لهذا التفاعل.
3. الداتا هي الذهب الجديد
في الخلفية، تقوم هذه التطبيقات ببناء بروفايل دقيق عنك يتضمن:
- تفضيلاتك
- توجهاتك السياسية
- حالتك العاطفية
- توقيتات نشاطك
- وحتى سرعة رد فعلك على المحتوى
هذه البيانات تُباع أو تُستخدم لاستهدافك بإعلانات دقيقة لدرجة لا يمكنك مقاومتها.
4. من المنتِج إلى المُستَهلَك: الانقلاب الصامت
كثيرون يظنون أن “المحتوى” هو المنتج، لكن الواقع أن:
- نحن المنتج
- وسلوكنا هو العملة
- ومن يدفع فعلًا.. هو المعلِن
تقوم الشركات بضخ الإعلانات بناءً على مزايدات لحظية على بيانات المستخدم، ما يعني أن “كل ثانية تقضيها” تُدر أرباحًا فورية للمنصة.
5. العبرة التقنية: لماذا نحذر؟
حتى كبار مهندسي ومصممي هذه التطبيقات باتوا يُحذرون منها. ليس لأنها غير مفيدة، بل لأنها أصبحت أقوى مما توقّعوا.
التطبيقات لم تُصمَّم كي تخدمك، بل كي تستهلكك.
6. ما الحل؟
- تحكّم بوقتك الرقمي: استخدم مؤقتات التطبيقات، أو أدوات مثل Digital Wellbeing أو Screen Time.
- ادفع لخدمات تحترم خصوصيتك بدلًا من استخدام “الخدمة المجانية” التي تبيعك.
- راقب اللاشعور عندك: اسأل نفسك دائمًا لماذا أنا هنا؟ وهل هذا تفاعل واعٍ أم استجابة مشروطة؟
خلاصة تنفيذية:
“مواقع التواصل ليست مجانية.. إنها أغلى مما تظن”
إنها تستهلك وقتك، تركيزك، ووعيك، وتعيد تشكيل سلوكك الاجتماعي والمعرفي.
إن لم تدفع أنت مقابل الخدمة… فغالبًا ما يتم استهلاكك كخدمة.
وذلك هو لبّ الاقتصاد الرقمي الحديث.