صفقة تبادل الأسرى: من الرابح ومن الخاسر؟
قبل خمس سنوات مضت أطلق المجاهدون في فلسطين العنان لغاراتهم المكوكية، في تنافس محموم على أسر الصهاينة، أيهم يأتي بعرش كبيرهم أو جنرالهم أو أحد جنودهم وله منا البشرى وهو من المقربين، انبرى أولئك النفر في سباقهم نحو المجد حتى نال سعيدهم “أشرف المعشر” الجنان، وارتقى حبيبهم “محمد فروانة” للحور الحسان، ورجعت نفس استشهاديهم “حامد الرنتيسي” المطمئنة لربها راضية مرضية، وشرفت المقاومة بأسير بين يديها من سلاح الدبابات الإسرائيلية، اسمه جلعاد ناعوم شاليط، الجندي المجند الذي أمضى في بلادنا المحتلة هناك في قرى الجليل عشرين خريفاً، وفي غزتنا الأبية ازدادوا خمساً، أو ربما في مكان آخر، صدقاً لا أحد يدري، ذلك كله بدأ في 25 يونيو عام 2006 أو ما أطلق عليه عام الوهم المبدد.
طاولة ضخمة هي التي طرحت إسرائيل عليها الحلول المقترحة وبدأت تجربتها واحدة تلو الأخرى؛ لاستعادة جنديها وهيبتها، وشيئاً من كرامتها.
1- العملاء
واسألوا كبيرهم إذ دعى العملاء والجواسيس وبعث في المدائن يأتوه بكل نبأ يقين،ولما سُقط في أيديهم إذ قفلوا راجعين لا الطريدة في أيديهم ولا خبر عن خفي حنين، عادوا للطاولة خائبين.
2- الحرب
تعس أولمرت إذ صرخ فيهم: “الحرب تأتيكم به قبل أن تقوموا من مقامكم، فاسمعوا لي وأطيعون“، ومن مستنقع حقدهم سمعوا له وأطاعوا، وأعلنوا الحرب وأذاعوا، شنوا على غزة البريئة حرباً بربرية، لثلاثة وعشرين يوماً متواصلة، قتلوا 1400 أو يزيدون، دمروا المباني والمنشآت، وقصفوا المآذن سعياً لكسر الشموخ وإذلال الهامات، وأخيراً.. اضطروا للانسحاب بحثاً عن ورقة أخرى على طاولة الاقتراحات.
3- المال
وكأنه مفقود رصد سيدهم الجوائز المالية، فدغدغوا العواطف بالدولارات والملايين والعيشة الهنية، وأنفقوا الأموال، علها تأتيهم بمعلومة عن الجندي المخطوف على حد تعبيرهم، ظنهم أن فيها الخلاص بعد خيبتهم العسكرية، وهم لا يعلمون أنهم سينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون.
4-المفاوضات
“ماذا تبقى لدينا من خيارات؟” قالها أنتنهم إذ وقف فيهم خطيبًا يدعوهم للنجاة وهو للسعير أقرب، فلما آل القول إليه حشد آل شاليط يعدهم ويمنيهم
وقال مشيراً لحاشيته المتطرفة: “بعزة هؤلاء سأعيده إليكم قبل أن يرتد إليكم طرفكم، فانتخبون“، ذلك دعاؤه ومن معه إذ يمكرون، فسحروا أعين الناس واسترهبوهم وجاءوا بسحر عظيم، استهل مهمته بالتفاوض طويل النفس، بعدها نسج لهم آمالاً من سراب، خابت كلها وتهاوت أمام إباء سبابة المقاومة الشماء، فعلم يقيناً أنه ليس وحده صاحب اللاءات.
5- الاستسلام
وجاء اليوم الفصل، واكتوى بنار الذل من ظن إذلال العفيفات من نسائنا هين وهو عظيم
فقال متبجحًا: “ستموتين هنا يا أحلام وتتعفنين“
ردت عليه التميمي في شموخ حينها: “فشرت.. وراي رجال“
صدقت وصدقها الرجال وعدهم، وخرجت رغم أنف سجانها وأنوفهم أجمعين، مع ألف من الأسرى آخرين.
وخنع المحتل لصاحب الدار، وانتصر الكف على المخرز وأبرم الغاصب صفقة القرن وهو ذليل.
من الرابح ومن الخاسر؟
استشهد منا آلاف، لا جزع فشهداؤنا في الجنة وقتلاهم في النار ..
قصفوا البيوت على ساكينها، لا ضير فبيوتنا هناك قصور في الجنان، ولهم الدرك الأسفل في النيران..
حاصرونا وضيقوا علينا في معيشتنا، لا ذل فالدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر..
وزيادة على ذلك:
بانت سوءتهم إذ فشلت خياراتهم في استعادة أسيرهم..
تجلى تخبطهم يوم استلامه إذ حاروا في أي مركبة هدفهم..
تهاوت هالة المحتل الهشة وارتقت أسهم المقاومة الفتية..
زادت فرقتهم وقلوبهم شتى، ونحن إلى وحدة قريباً ماضون..
خرج أسيرهم ذليلاً، وتنسم طعم الحرية من خرج من أسرانا أعزاء..
هم دفعوا الثمن غالياً ليحصدوا ذلاً، ونحن صمدنا طويلاً لنجني عزًا..
هم تعلموا درساً جديداً، ونحن عرفنا الطريق لتحرير باقي أسرانا جيداً.
لا تعليق هنا اخي خالد سوى
بوووركتْ وبوركت سواعد كل من زف في العرس الكبير
فولله ان الانتصار اكبر من ان تكتبه الكلمات هنا
قلوبنا فرحه بكم ياابطالنا , فحمدا لله على ما انعم به عليكم
ومن به علينا
أعتقد يا خالد أنه ما من عاقل لم يرى ما جرى على انه انتصار بكل ما تحمل الكلمة من معنى، لو نظر أينما نظر سيرى دلائل هذا النصر واضحة وضوح الشمس
لكن وللأسف هناك أعين قد غشيها سواد التشاؤم في أفضل الاحوال وسواد ال… في أسوأها
كتبت فأبدعت كالعادة، لكن يبدو أن الفرح وطعم الانتصار يزيد المبدع إبداعاً
بوركت ودمت بخير 🙂
ألف مبارك لنا جميعا هذا العرس الفلسطيني الكبير
ألف مبارك للأسرى والعاقبة بالإفراج عند البقية الباقية ..
تدوينة مميزة كالعادة .
خالد:
مبارك علينا جمعياً هذا النصر المؤزر
والخير الذي كسا الأرض بلون الفرح
وجمعنا في وحدة طيبة على درب الفرج القريب بإذن الله
إن كانت مميزة فهي لأنها تتحدث عن ناس أصحاب فضل علينا
وموجهة لنخبة من القراء المميزين أمثالكم لهم مرور رائع في أروقة صفحاتنا