مخمخة صناعة الأخبار: اكتشاف سبع كواكب جديدة
مرات بتخيل أن هناك شخص (أو فريق) قاعد في مكان ما شغلته “مخمخة” أخبار تشغل العالم والناس..
مرة يخوفنا من ثقب الأوزون والاحتباس الحراري وذوبان الجليد ونفوق الحيوانات القطبية
ومرة يغرق الكوكب بأمراض بيولوجية مثل سارس وكورونا وانفلونزا خنازير وانفلونزا طيور وجمرة خبيثة.. وعادة المرض الجديد يلغي تهديدات ما قبله
ومرة اكتشافات فضائية وأرقام فلكية تفتح شهية أحلامنا لمساحات أوسع لأن الأرض أصبحت زحمة
والناس سرعان ما تصدق.. حتى وسائل الإعلام تجد في هذا النوع من الأخبار مادة دسمة وتعطيه حقه من الاهتمام
هل من المعقول أن العلماء يورطوا أنفسهم بتمرير الأكاذيب؟
إطلاقًا هؤلاء الخبراء غالبًا ما يكونوا أدوات في يد “المخمخاتي” يبحثون عن حلول للمشاكل وتبرير علمي للمفردات الواردة في أي خبر لوسائل الإعلام التي تغرقهم بطوفان من الأسئلة والمقابلات..
أصلا من يصنع الخبر يختار ألفاظه بعناية حتى يجعل الجميع أمام مادة دسمة يحتاج شهورًا لتفصيل ما ورد فيه..
دعونا نجرب قراءة الخبر الجديد:
«اكتشاف نظام شمسي كامل على مقربة من الأرض (مسافة 39 سنة ضوئية) والنظام يضم 7 كواكب تدور حول نجم “الهارب” ومعظم الكواكب قريبة من بعضها وحجمها يشبه حجم الأرض، وطول اليوم فيها يساوي تقريبا يوم ونصف من أيام الأرض، وهناك احتمال لوجود الماء عليها، لكن العلماء بحاجة لعشر سنوات على الأقل حتى يجزموا إن كانت هناك حياة صالحة على هذه الكواكب أم لا»
قبل “المخمخة”.. لا أنفي وجود حياة على كواكب أخرى، وأقر أننا لسنا حالة منفردة من الخلق في هذا الكون الفسيح، وقد شاهدت الكثير من الأفلام التي هيأتني لتقبل فكرة الحياة على كواكب أخرى..
هيا بنا “نمخمخ” الخبر:
1- الخبر لابد أن يصدر عن مؤسسة ذات ثقل كبير مثل: ( “هو” منظمة الصحة العالمية – ناسا – “فاو” منظمة الأغذية والزراعة – الأمم المتحدة – اليونيسيف – اليونسكو..) هذه المرة كان من نصيب (ناسا)
2- الخبر لابد أن يكون صادمًا ويحمل بين طياتها تهديدًا، أو يداعب آمال وطموح الناس بشكل عنيف.
3- الخبر يتبع نظرية الأرجوحة يرضي غرور كلا الطرفين (مؤيد ومعارض محتواه).
4- الخبر يضم مجموعة دسمة من الأرقام الحقيقية المبنية على اكتشافات علمية سابقة.
5- على المستوى الشخصي الخبر طويل المدى (10 سنوات للتحقق) لكنه بالنسبة لتاريخ الأمم وأعمار الشعوب اكتشاف مذهل.
6- صدر الخبر فجأة بدون مقدمات ولا تمهيد ولا حتى أبحاث سابقة.
7- من يُصدر الخبر يملك بدايته، ويترك للناس مهمة تأويله وتطوير نهاياته، لذا ليس غريبًا أن تجد مُسلمًا يؤكد في مقابلة صحفية أن هذا الاكتشاف مذكور في القرآن الكريم قبل أربعة عشر قرنًا من الزمن.
بهذه المعايير تقدر تصنع أي خبر يصل العالمية يناقشه كل شخص على سطح الكوكب.
وما الفائدة من مخمخة مثل هذه الأخبار؟
الناس عادة تخاف مما تجهل ومستعدة تقدم فروض الطاعة والولاء لمن عنده العلم، ألم يعبدوا عجل السامري الذي أخبرهم أن “هذا إلهكم وإله موسى” الذي نسي أن يخبرهم بذلك قبل رحيله؟ فأضلهم السامري لأنه أوهمهم أنه الوحيد صاحب العلم، الوحيد الذي يملك المعلومة، الوحيد الذي يقدر أن ينقذنا أو يأخذنا في جولة لهذه الكواكب السبعة.
نظرية إلهاء الشعوب تعتمد على تحويل انتباه الرأي العام بعيدًا عن المشاكل الحقيقية والأشرار على هذا الكوكب بحزمة من الأخبار والأحداث التي تبدو أنها كونية وأجدر بالاهتمام، وبالتالي تخفف – هذه الأخبار – من وطأة الضغوط على الأنظمة الحاكمة ومسئولياتها تجاه متطلبات الشعوب.
أخيرًا هذا النوع من الأخبار يحقق حراكًا إعلاميًا مركزًا حول مُصَدّر الخبر وأصحابه ويعطيهم حقوق التصريح والتوضيح والاحتواء والنشر وسن القوانين وأسعار الأراضي والفنادق على هذه الكواكب وحق السفر والهجرة والتملك الإقامة هناك..