أصدقت أم كنت من الكاذبين – الإشاعة
ما كان الهدهد ليتجرأ أن يكذب على سليمان عليه السلام عندما جاءه بخبر أهل سبأ، ووصف خبره بأنه يقين (وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَأٍ بِنَبَأٍ يَقِينٍ)، وعلى الرغم من ذلك كان رد سليمان عليه السلام قمة في الحكمة والتريث قال: (سَنَنْظُرْ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الكَاذِبِينَ)..
لم يمرر الخبر لوزرائه وحاشيته، ولم يتخذ قرارًا بالغزو، ولم ينسخ ما قاله الهدهد ويلصقه على جدار أتباعه من الجنود فتهيج مشاعرهم وينتفضوا ثائرين ويتحركوا على غير هدى وبلا علم.. لم يزعزع الحكيم الجبهة الداخلية للبلاد ببث الإشاعات الكاذبة والأخبار المغرضة بين أفراد شعبه، ولم ينقل الخبر من مصادر مشبوهة تصف نفسها بالمطلعة، ولم ينقل أخباره من مواقع عبرية ولا من صفحات فيسبوك متصيدة، بل انتظر حتى وصله من الطرف الآخر قرارًا خطيًا يرتقي لمرتبة عين اليقين..
علّمنا الهدهد الصدق وأعطانا نبي الله سليمان درسًا في التثبت من الأخبار وطرق وأدوات التحقق من المعلومات قبل أن تغزونا مواقع التواصل الاجتماعي، لأنه يعرف مدى خطر الإشاعة وصعوبة العلاج بعد انتشارها، فما بالكم بحالنا عندما نصنع من أنفسنا جسورًا تعبر فوقه الإشاعات وتزلزل ما بقي من يقين في نفوس البسطاء من عامة الشعب؟..
جرب أن تضع تعليقا على منشور يحمل خبرا تشك في مصداقية صاحبه واكتب فيه: “سَنَنْظُرْ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الكَاذِبِينَ” ترى كيف سيكون رد صاحب الخبر؟
التثبت من الخبر قبل نقله أو نشره مطلب ديني ومنهج من مناهج الأنبياء فلا تنشر ما لا تعلم يقينًا ولا تنشر إلا ما يزيد حسناتك.