يوميات الغزازوة في الحرب: ساعتين كهربا
أكتر شي مزعج في الحرب هو قطع الكهربا.. بتحس حالك انقطعت عن الحياة بدون كهربا ما بتعرف الأخبار ولا شو صار ولا شو راح يصير.. بدون كهربا كل شي بيوقف حتى الساعة، بدون كهربا بقعد أعد في البلاط أو أصيد الدبان بمغيطة أو افتح التلاجة وأسكرها مع إنه الدنيا رمضان..
غالباً ما لما بيأدن الظهر بتكون الناس في غزة نايمة، ما هو طول الليل الزنانة بنت الصرمة ما بتسكت رايحة جاية زن زن، تخصص إزعاج مكتوب عليها: صنعت لتستفز البشر!
ولما بتخلص صلاة العصر ما حدا بيروّح من الجامع، كله بيمدد وينام ع الموكيت الأحمر تحت المراوح في نعيم الكهربا، وعشان ما أظلم الكل في ناس بتنام بنية أجر اعتكاف في المسجد، كمان في ناس وافدين هجوا من بيوتهم وأجوا عند قرايبهم في الشارع عندنا بيلاقوها فرصة إنهم يقعدوا شوية في الجامع عشان ما يظلوا لزقة في البيت..
مرة من الزهق فكرت أقعد شوية في الجامع لاقيت الناس مزعجين، كلهم عاملين محللين سياسيين ولا شلومو جانور، فاتح الواحد فيهم جبهة نضالات تحليلية ولا ناصر اللحام، وهاتك يا زن زن.. مش مكفي الزنانة اللي فوق روسنا كمان هادول؟
روحت للإمام وحكيت له في ناس بتعمل إشاعات إنه المسجد هادا راح يقصف يا ريت تمسك المايك وتحكي لهم إنه هادي إشاعات، وإنه ما في حدا هدد المسجد ولا حدا اتصل في الإمام، وقد كان، وبالفعل كلها ثواني والجامع صار خاوي على عروشه بدون شلة ناصر ولا اللحام ولا النجار، كيف لو حكينا إنه المسجد حينقصف جد؟!
المغرب بيقرب والزنانة ما بتهدى وكمان ما في كهربا، وفي حواديت شباب الشارع كل واحد بيحكي عن أمجاد بطارية جواله وبطارية اليو بي إس اللي مركبه في البيت، ويتغزل في شطارته لما اشترى شاحن نخب بيظل شغال طول الليل، ها؟ هادا أصلي يا حج.. بس مهما كان أصلي لازم يجي وقت ويصف ويطفي وتلاقي صاحبه مرمي في البيت يستنى رحمة الله..
تعال خود نظرة ع البيت بتلاقي هادا مرمي على الكنبة وهادا بيعد مربعات السقف وهادا على البلكونة، وكلهم بيستنوا.. ساعة ساعتين تلاتة..
ويا عيني لما تيجي الكهربا في أي وقت كان، لازم تسمع الـ هييه العريضة، تصفير وتصفيق والله أكبر ودموع فرح ولا فرحة ألمانيا بكأس العالم، والكل يجري من ناحيته هادا يشحن وهادي تكوي، وهادي تغسل، وهادا يشغل التلفزيون واللاب توب والسخان ودفاع المية والتلاجة والغسالة والراديو والساعة.. اه والله الساعة بتشتغل لما تيجي الكهربا يعني الوقت بيجري..
يادوب ساعتين ويبدأ العد التنازلي.. على فكرة لو وقفت عن الحكي اعرفوا إنه الكهربا قطعت!
ساعتين بس في اليوم تخيل نفسك ما في بحياتك كهربا إلا لساعتين شو راح تعمل وشو راح تشغّل؟ أصلا شو راح تنجز في ساعتين وكيف راح تعيش؟
أهل غزة في ساعتين كهربا باليوم عايشين، صحيح ما عندهم برميل نفط ولا حقل غاز ولا بير بترول بس بيصدروا للعالم كله عزة وكرامة ورافعين راس الأمة كلها..
في ساعتين بيصنعوا صواريخ جعبري وطيارات أبابيل ومش بعيد يكونوا صنعوا دبابات الفيل نسمع بيها في حرب المفاجآت، في ساعتين ذلوا أبوها لأمريكا وشلّوا عرض إسرائيل، وحطموا أسطورة الجيش الذي لا يقهر وبهدلوا صحة ابن اليهودية وكشف حسب الجيوش العربية الورقية، وعرّفونا ع نوع تالت من العرب اسمه العرب المتصهينة..
عارفين ليش؟
ببساطة هادا لأن أهل غزة لما..