الحافلة رقم 79e
ثلاث حافلات مرت من أمامي تحمل الرقم 79 مع حرف لاتيني تتجه إلى المحطة التي سأنزل فيها أو حولها، ولكني لم أكترث لأي منهن وانتظرت حتى قدوم الحافلة 79e لأستقلها..
وانطلقنا سويًا..
وفي منتصف الرحلة توقفت عجلات حافلتنا المصون عن الدوران لعطل ميكانيكي لا نعرفه حتى أخبرنا السائق أن نترجل إلى المحطة التالية ننتظر حافلة تحمل نفس الرقم تكمل مسيرتنا هذا الصباح!
توقفت الحافلة المعطوبة على جانب الطريق لكن عطلها لم يؤثر على حركة السير، ولم تتداعى باقي الحافلات لحل أزمتها، ولم تغيّر الحافلات الأخرى جدول أعمالها لتساعد زهاء سبعين راكبًا تبعثروا على قارعة الطريق، باختصار لم يتوقف الكوكب عن الدوران، وأقصى ما منحنا إياه ركاب الحافلات الأخرى هو نظرة تعاطف مع تساؤل عن مصيرنا تنتهي بغيابنا عن أنظارهم..
نعرف أنك في أزمة ولكن صاحب الحل شخص آخر ليس بيننا، سائق حافلتكم ومديره ووزارته وحكومته هم من يتوجب عليهم احتضان مشكلتكم وحل أزمة حافلتكم “المنحوسة”، وليس من الحكمة تصدير أزمتكم للحافلات الأخرى، ولا يمكن تعطيل رحلات الناس ومصالحهم لأجل خلل في رحلتكم..
هذا ما يمكن أن تقرأه جليًا في عرف هؤلاء القوم!
أما نحن المترجلون فمكثنا غير بعيد حتى وصلت حافلة جديدة بها عدد قليل من الركاب تحمل الرقم 79e نفس الذي اخترناه أول مرة، فتحت جميع أبوابها كي تستقبلنا وليس بابها الأمامي كما العادة، وعندما ركبنا لم ندفع تذكرة دخول مما أثار نظرة غيرة واضحة على ملامح ركابها الذين شعروا أننا حصلنا على تمييز خاص في المعاملة، هم لا يعرفون شيئا عن الدقائق التي هدرت بانتظار قدوم نفس الحافلة، ولا شمس الصباح الحارقة التي ألهبت ملامحنا..
مفارقة غريبة أن يرى الناس معاناتك ميزة فيحسدوك عليها بينما يراها آخرون مشقة لا يملكون إلا أن يتعاطفوا معك عن بعد!