هل السوداني كسول ويحب الراحة؟
طلب المدرس من الطالب في المرحلة الابتدائية أن يقول أول حروف الهجاء (ألف)، فهز الولد كتفيه رفضًا، كرر الطلب أكثر من مرة وفي كل مرةً كان يحصل على نفس ذات الإجابة، مما اضطر المدرس لاستدعاء ولي أمره..
وعندما سأله والده عن سبب صمته قال الطالب: “لو قلت له (ألف) ح يطلب مني أقول (باء) وهادي قصة ما أعرف ميتين (متى) تخلص”
ليست نكتة، بل حالة تلخص لك إجابة سؤالك:
هل فعلاً السوداني كسول ويحب النوم والراحة؟
حدثني أحدهم أن السوداني الحِرفي في العموم لا يصل إلى درجة الاحترافية العالية، نتيجة عدة عوامل منها الحصار والانغلاق والعيش في قبائل وتجمعات، وهذا جعل عددًا لا يحصى من المهن يؤديها غير ذوي الاختصاص من الناس، مما يؤول بالنتائج لدرجة الهواة بعيدًا عن الاحتراف؛ ولأن السمت العام على الشعب أنه قنوع فهو يرضى بنتيجة الهواة تلك ولا تراه يتذمر، وإذا قلت أنك محترف سيوكل لك المهمة لتؤديها نيابة عنه..
لذلك استغربت عندما سألت عن وجود عدد عدد لا بأس به من المباني الرسمية في الدولة وتبيّن لي أنها اهداء بالكامل من حكومات ودول صديقة.
نعم، السوداني ليس كسولاً ولكنه قنوع، يقتنع بأي شيءٍ وبأقل شيءٍ ويوافق على أي نوع من الحلول دون تطلب..
طالما أن اللمبة تعمل لماذا يشغل نفسه بعمل مجرى للسلك المتدلي منها؟!
طالما أنك ستشرب القهوة في فنجان فلماذا يضعها على صحن زجاجي صغير وتحتها صينية ومعها كأس ماء؟
وغيرها هناك الكثير من الأمثلة التي قد تصدم بإجاباته عليها للوهلة الأولى، ولكن لو فكرت في منطق الزول السوداني من زاوية أخرى سترى أنه عمل مبني على فكرة تقليل الجهد المبذول؛ ولأن الناس تعوّدت ألا تطلب شيئًا احترافيًا عالي الدقة تجد العامل يستغل أدنى قدراته، فتراه على وضع توفير الطاقة معظم الوقت، قد تظن أنه كسول، لكنه في حقيقة الأمر (كبّر دماغه)، واكتفى حرفيًا بقوت يومه، وترك التفكير في الغد، لأن الغد يوم جديد ومن الأفضل أن ننام مبكرًا كي ندركه..