ساندي والغسالة الإسرائيلية الملعونة
ذات إجازة بدأت يومي مبكراً بنظرة عبر نافذة غرفتي على شوارع مانهاتن، وخالجني شعور قوي بالاستمتاع بتفاصيل الحياة الغربية بدقائقها، وسأبدأ الآن..
المهمة غسيل ملابس الأسبوع الماضي في laundry room غرفة الغسيل العامة التابعة للفندق.
ولأنها أول مرة أدخل فيها غرفة الغسيل، في بيتي عادة لا أعرف الطريق للمطبخ إلا عندما أريد أن أشرب الماء من الثلاجة، سألت أول من قابلتها عن الخطوات المتبعة، فكانت متفهمة وأعطتني الإرشادات بهدوء، أولاً تشتري مسحوق الغسيل من هذه الآلة بوضع النقود على هيئة أرباع coins ثم تضع المسحوق والملابس في الغسالة وتختار طريقة الغسيل، بعدها تذهب للركن الآخر للتنشيف و That’s it
بعد لحظات فوجئنا بإعصار ساندي، ليس الإعصار الطبيعي بل إعصار امرأة مكتنزة يهز صوتها المكان كما قدميها، تلعن الفكة والأموال والبنوك ومن اخترعها، حاولت إغلاق أذني وكأنني لا أفهم لأنني لا أفهم فعلياً سبباً مقنعاً لكل الغضب الذي يسربل خطواتها، مضيت في ترتيب الملابس داخل الغسالة التي بدأتْ عملها بإتقان..
مرت دقائق وانتهت عملية الغسيل، غريب! لماذا تتذمر النساء في بلادي من الغسيل، وتوهمنا ربة البيت أنه طالما هناك غسيل فكأنها في طريقها لإجراء عملية جراحية معقدة؟
جاء دور المرحلة الثانية، التنشيف، وهذه لها جهاز آخر وفكة أخرى، ذهبت لجلب المزيد من الفكة وعدت ومعي 7 أرباع أخرى، بحثت عن (نشاف) متاح أضع فيه ملابسي المبتلة، لم أجد أحداً أسأله إلا العاصفة (ساندي) بملامحها اللاتينية الداكنة، أجابت بفم مكتظ بالبراكين والحمم: “لا أعرف.. ابحث بنفسك.. لا أعرف.. هذه أمامك متاحة، وهذه لا.. ضع يدك فوقها ستعرف إذا كانت تعمل أو لا”.
لا أعرف لماذا خالجني الشعور أنها كانت تقول في نفسها: “اشتغل لحالك وسيبني في حالي يا ابن الهبلة.. حل عن مناخيري”
وضعت يدي على واحدة من الأجهزة المتراصة فإذا بها هادئة مثل أعصابي هذا الصباح، قرأت التعليمات جيداً:
1- افتح حوض النشاف وضع الملابس
2- أضف الأرباع (يوجد على الجانب الأيمن لكل نشاف مكان لإضافة الأرباع)
3- اختر نوع التنشيف ومدته
4- ثم اضغط “Start” عندما تكون جاهزاً
فعلت ذلك بفخر، أخيراً أثبت لنفسي أنني قادر على هذه العملية الجراحية الصعبة وإنجاز المهمة بإتقان، انتظرت قليلاً حتى يعمل (النشاف)، لا شيء، لا جديد..
جلست أقلب أوراق كتاب جلبته معي بانتظار هذه الآلة الغريبة، ولا جديد، بعد قليل فتح النشاف المجاور بابه، وأنا أواصل القراءة، لابد أن هناك خلل، وأنا أواصل القراءة، لا أظن أن لدي الجرأة لسؤال (السيدة ساندي)، ليتني تذكرت شيئاً آخر، جاءت مع زوابعها وكلماتها العشوائية البذيئة وأنا أواصل القراءة.
حاولت ترجمة بعضاً مما تقول حسب الترجمة المعتمدة للأفلام الأمريكية على المحطات العربية فكانت كالتالي:
– “تبا لك أيها الوغد.. كيف تجرؤ؟ ماذا تظن نفسك فاعلاً أيها المعتوه؟ اللعنة عليك وعلى أموالك.. ماذا سأفعل بملابسي المبتلة الآن يا ابن الـ#$%“
شعرت أن أبواب النيران تلك موجهة لي شخصياً.. وأنا أواصل القراءة..
– “الغبي وضع ماله في جهازي اللعين، وبقيت ملابسي الوغدة مبتلة بسبب هذا اللعين، عليك اللعنة، على أموالك اللعنة، وعلى ملابسك اللعنة.. و..”
واصلتْ سيل لعناتها وهي تُخرج ملابسَها من النشاف، الذي فتح أبوابه لأنني وضعت فيه الأرباع خطأً (راجع الخطوة رقم 2)، فتوقف عن العمل.. جعلني هذا أغلق الكتاب لأبحث في ذهني عن المسئول عن جهلي وأمثالي في بلدي بتفاصيل حياة الغرب وهذه الآلات الفندقية والأدوات اليومية التي يتقن الصغار والكبار التعامل معها في معظم بلاد العالم حولنا بسهولة، بقي سؤالي معلقاً كملابسي داخل النشاف الصامت، الذي يحتاج لساعة كاملة للتنشيف.
وبالرغم أنها بإمكانها إبقاء ملابسها والاستفادة من مالي، إلا أنها أخذت الملابس وهي تسأل بعنف:
– ” لماذا تأتي لمكان لا تنتمي إليه؟ من أي بلد لعينة جئت إلينا؟”
أجبت بهدوء: “تطلقون على بلدي اسم: إسرائيل”
واصلت لعناتها وهي خارجة بصوت مرتفع:
– ” اللعنة.. اللعنة على إسرائيل.. فلتذهب إسرائيل إلى الجحيم وكل من فيها”
موقف محرج جدااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا ليك ولبلادنا اللى سببت تخلفنا عنهم
بس الطريقة اللى حكيته بيها جميلة اوى
شكرا
مرحبا بشمهندس
اتمنى لك التوفيق في رحلتك
انت تعسش نمط حياة مختلف ترليون درجة عما تعودت عليه غزة ولكن ستعتاد هذا النظام أسرع من أي شخص آخر
أتمنى لك التوفيق مرة أخرى